[ لعله يتذكر أو يخشى ] اي لعله يتذكر عظمة الله، او يخاف عقابه فيرتدع عن طغيانه
[ قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى ] اي قال موسى وهارون : يا ربنا اننا نخاف ان دعوناه الى الايمان، ان يعجل علينا العقوبة، او يجاوز الحد في الإساءة الينا
[ قال لا تخافا إننى معكما أسمع وأرى ] اى لا تخافا من سطوته، انني معكما بالنصرة والعون اسمع جوابه لكما، وأرى ما يفعل بكما
[ فأتياه فقولا إنا رسولا ربك ] اي انا رسولان من عند ربك ارسلنا اليك، وتخصيص الذكر بلفظ [ ربك ] لإعلامه انه انسان مخلوق، وعبد مملوك لله، اذ كان يدعي الربوبية
[ فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم ] اي اطلق سراح بني اسرائيل، ولا تعذبهم بتكليفهم الاعمال الشاقة
[ قد جئناك بآية من ربك ] اي قد جئناك بمعجزة تدل على صدقنا
[ والسلام على من اتبع الهدى ] اى والسلامة من عذاب الله لمن اهتدى وآمن بالله، قال المفسرون : لم يقصد به التحية، لأنه ليس بابتداء الخطاب، وانما قصد به السلامة من عذاب الله وسخطه
[ إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى ] اي قد اخبرنا الله فيما أوحاه الينا، ان العذاب الأليم على من كذب انبياء الله، وأعرض عن الايمان
[ قال فمن ربكما يا موسى ] اي قال فرعون : ومن هذا الرب الذي تدعوني اليه يا موسى ؟ فإني لا اعرفه ؟ ولم يقل : من ربي ؟ لغاية عتوه ونهاية طغيانه، بل أضافه الى موسى وهارون [ من ربكما ]
[ قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ] اي ربنا هو الذي ابدع كل شيء خلقه، ثم هداه لمنافعه ومصالحه، وهذا جواب في غاية البلاغة والبيان، لاختصاره ودلالته على جميع الموجودات بأسرها، فقد اعطى العين الهيئة التى تطابق الابصار، والأذن الشكل الذي يوافق الاستماع، وكذلك اليد والرجل والانف واللسان، قال الزمخشري : ولله در هذا الجواب، ما أخصره وأجمعه وأبينه ؟ لمن ألقى الذهن ونظر بعين الإنصاف ؟
[ قال فما بال القرون الأولى ] اي قال فرعون : ما حال من هلك من القرون الماضية ؟ لم لم يبعثوا ولم يحاسبوا ان كان ما تقول حقا ؟ قال ابن كثير : لما أخبر موسى بأن ربه الذي ارسله هو الذي خلق ورزق، وقدر فهدى، شرع فرعون يحتج بالقرون الاولى، كأنه يقول : ما بالهم إذ كان الامر كذلك، لم يعبدوا ربك بل عبدوا غيره ؟
[ قال علمها عند ربى في كتاب ] اي قال موسى : علم احوالها واعمالها عند ربي مسطر في اللوح المحفوظ
[ لا يضل ربي ولاينسى ] اى لا يخطىء ربي ولا يغيب عن علمه شىء منها.. ثم شرع موسى يبين له الدلائل على وجود الله، وآثار قدرته الباهرة فقال :
[ الذى جعل لكم الأرض مهدا ] اي جعل الارض كالمهد اي كالبساط والفراش، تمتهدونها وتستقرون عليها رحمة بكم
[ وسلك لكم فيها سبلا ] اي جعل لكم طرقا تسلكونها فيها، لقضاء مصالحكم
[ وأنزل من السماء ماء ] اي انزل لكم من السحاب، المطر عذبا فراتا
[ فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى ] اي فأخرج بذلك الماء انواعا من النباتات، المختلفة الطعم والشكل والرائحة، كل صنف منها زوج، وفيه التفات من الغيبة الى المتكلم، تنبيها على عظمة الله
[ كلوا وارعوا أنعامكم ] اى كلوا من هذه النباتات والثمار، واتركوا أنعامكم تسرح وترعى من الكلأ الذي اخرجه الله، والأمر للإباحة تذكيرا لهم بالنعم
[ إن في ذلك لآيات لأولي النهى ] اي ان فيما ذكر لعلامات واضحة لاصحاب العقول السليمة، على وجود الله ووحدانيته
[ منها خلقناكم وفيها نعيدكم ] اي من الارض خلقناكم ايها الناس، واليها تعودون بعد مماتكم فتصيرون ترابا
[ ومنها نخرجكم تارة أخرى ] اي ومن الارض نخرجكم مرة اخرى للبعث والحساب.. ثم اخبر تعالى عن عتو فرعون وعناده فقال سبحانه :