[ الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ] أي الله يختار رسلا من الملائكة، ليكونوا وسطاء لتبليغ الوحي إلى أنبيائه، ويختار رسلا من البشر، لتبليغ شرائع الدين لعباده، والآية رد على من أنكر أن يكون الرسول من البشر
[ إن الله سميع بصير ] أي هو سبحانه يسمع ما يقولون، ويرى ما يفعلون
[ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ] أي يعلم ما قدموا وما أخروا، من الأفعال والأقوال والأعمال
[ وإلى الله ترجع الأمور ] أي إليه وحده جل وعلا، تُرد أمور العباد فيجازيهم عليها
[ يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا ] أي صلوا لربكم خاشعين، وأنما عبر عن الصلاة بالركوع والسجود لأنهما أشرف أركان الصلاة
[ واعبدوا ربكم ] أي أفردوه بالعبادة ولا تعبدوا غيره
[ وافعلوا الخير ] أي افعلوا ما يقربكم من الله من أنواع الخيرات والمبرات، كصلة ا لأرحام، ومواساة الأيتام، والصلاة بالليل والناس نيام
[ لعلكم تفلحون ] أي لتفوزوا وتظفروا بنعيم الآخرة
[ وجاهدوا في الله حق جهاده ] أي جاهدوا بأموالكم وأنفسكم لإعلاء كلمة الله، حق الجهاد باستفراغ الوسع والطاقة
[ هو اجتباكم ] أي هو إختاركم من بين الأمم لنصرة دينه، وخصكم بأكمل شرع، وأكرم رسول
[ وما جعل عليكم في الدين من حرج ] أى وما جعل عليكم في هذا الدين من ضيق ولا مشقة، ولا كلفكم ما لا تطيقون بل هي الحنيفية السمحة، ولهذا قال سبحانه :
[ ملة أبيكم إبراهيم ] أي دينكم الذي لا حرج فيه، هو دين إبراهيم فإلزموه، لأنه الدين القيم، كقوله تعالى :[ دينا قيما ملة لى إبراهيم حنيفا ]
[ هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ] أي الله (( هذا قول ابن عباس ومجاهد وهو الظاهر، وقال الحسن : الضمير يعود على إبراهيم، وهذا قول مرجوح والله أعلم )) سماكم المسلمين في الكتب المتقدمة، وفي هذا القرآن، ورضي لكم الإسلام دينا، قال الإمام الفخر : المعنى : أنه سبحانه في سائر الكتب، المتقدمة على القرآن، وفي القرآن أيضا، بين فضلكم على الأمم، وسماكم بهذا الإسم الأكرم، لأجل الشهادة المذكورة، فلما خصكم بهذه الكرامة فاعبدوه، ولا تردوا تكاليفه
[ ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس ] أي ليشهد عليكم الرسول بتبليغه الرسالة لكم، وتشهدوا أنتم على الخلائق، أن رسلهم قد بلغتهم
[ فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ] أي وإذ قد اختاركم الله لهذه المرتبة الجليلة، فاشكروا الله على نعمته، بأداء الصلاة ودفع الزكاة
[ واعتصموا بالله ] أي استمسكوا بحبله المتين، وثقوا واستعينوا بالله في جميع أموركم
[ هو مولاكم ] أي هو تعالى ناصركم، ومتولي أموركم
[ فنعم المولى ونعم النصير ] أي نعم هو تعالى الناصر والمعين.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الامتنان بتعداد النعم [ ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض، والفلك تجرى.. ] إلخ وكذلك الاستفهام الذي يفيد التقرير.
٢ - الطباق بين [ يُميتكم ثم يحيكم ].
٣ - صيغة المبالغة [ إن الإنسان لكفور ] أي مبالغ في الجحود.
٤ - النهي الذي يراد منه نفي الشيء [ فلا ينازعنك ] أي لا ينبغي لهم منازعتك، فقد ظهر الحق وبان ! !
٥ - الاستعارة اللطيفة [ تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر ] أي تستدل من وجوههم على المكروه، لارادة الفعل القبيح، مثل قولهم : عرفت في وجه فلان الشر.
٦ - التمثيل الرائع [ إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ] أي مثل الكفار في عبادتهم لغير الله، كمثل الأصنام التي لا تستطيع أن تخلق ذبابة واحدة، قال الزمخشري : سميت القصة الرائقة المتلقاة بالاستحسان مثلا تشبيهاَ لها ببعض الأمثال البديعة.