[ ألم تكن آياتي تُتلى عليكم ] أي يقال لهم تعنيفاً وتوبيخاً : ألم تكن آيات القرآن الساطع، تقرأ عليكم في الدنيا ؟
[ فكنتم بها تكذبون ] أي فكنتم لا تصدقون بها مع وضوحها
[ قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا ] أي غلبت علينا شقاوتنا
[ وكنا قوما ضالين ] أي وكنا ضالين عن الهدى، بسبب إتباعنا للملذات والأهواء
[ ربنا أخرجنا منها ] أي أخرجنا من النار ورُدنا إلى الدنيا
[ فإن عدنا فإنا ظالمون ] أي فإن رجعنا إلى الكفر والمعاصي بعد ذلك، نكون قد تجاوزنا الحد في الظلم والعدوان. اقروا أولا بالإجرام، ثم تدرجوا من الإقرار إلى الرغبة والتضرع فجاء الجواب بالتيئيس والزجر
[ قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ] أي ذلوا في النار وانزجروا كما تُزجر الكلاب، ولا تكلموني في رفع العذاب، قال في التسهيل : اخسئوا : كلمة تستعمل في زجر الكلاب، ففيها إهانةْ وإبعاد
[ إنه كان فريق من عبادى يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وإرحمنا وأنت خير الراحمين ] قال مجاهد : هم بلال، وخباب، وصهيب، وغيرهم من ضعفاء المسلمين، كان أبو جهل وأصحابه يهزءون بهم
[ فاتخدتموهم سخريا ] أي فسخرتم منهم واستهزأتم بهم
[ حتى أنسوكم ذكري ] أي حتى نسيتم - بتشاغلكم بهم واستهزائكم عليهم - غفلتم عن طاعتي وعبادتي
[ وكنتم منهم تضحكون ] أي وكنتم تضحكون عليهم في الدنيا
[ إني جزيتهم اليوم بما صبروا ] أي جزيتهم بسبب صبرهم على أذاكم أحسن الجزاء
[ أنهم هم الفائزون ] أي أنهم هم الفائزون بالنعيم المقيم
[ قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين ] أي قال تعالى للكفار على سبيل التبكيت والتوبيخ : كم مكثتم في الدنيا ؟ وعمرتم فيها من السنين ؟
[ قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم ] أي مكثنا يوما أو أقل من يوم
[ فإسأل العادين ] أي إسأل الحاسبين المتمكنين من العد، قال ابن عباس : أنساهم ما كانوا فيه من العذاب، المدة التي لبثوها في الدنيا
[ قال إن لبثتم إلا قليلا ] أي ما أقمتم حقا في الدنيا إلا قليلا، قال الرازي : كأنه قيل لهم : صدقتم ما لبثتم فيها إلا قليلا، فقد انقضت ومضت، والغرضُ تعريفهم قلة أيام الدنيا في مقابلة أيام الآخرة
[ لو أنكم كنتم تعلمون ] أي لو كان لكم علم وفهم، لعرفتم حقارة الدنيا ومتاعها الزائل
[ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ] أي أظننتم - أيها الناس - أنما خلقناكم باطلا وهملا، بلا ثواب ولا عقاب ؟ كما خُلِقت البهائم ؟
[ وأنكم إلينا لا ترجعون ] أي وأنه لا رجوع لكم إلينا للجزاء ؟ لا ليس الأمر كما تظنون، وإنما خلقناكم للتكليف والعبادة، ثم الرجوع إلى دار الجزاء
[ فتعالى الله ] أي فتنزه وتقدس الله الكبير الجليل
[ الملك الحق ] أي صاحب السلطان، المتصرف في ملكه، بالإيجاد والإعدام، والإحياء، والإفناء، تنزه عن العبث والنقائص، وعن أن يخلق شيئا سفها لأنه حكيم
[ لا إله إلا هو ] أي لا رب يُعبد بحق سواه، ولا خالق غيره
[ رب العرش الكريم ] أي خالق العرش العظيم، ووصفُه (بالكريم ) لأن الرحمة والخير والبركة تنزل منه، ولنسبته إلى أكرم الأكرمين
[ ومن يدع مع الله إلها آخر ] أي ومن يجعل لله شريكا، ويعبد معه سواه
[ لا برهان له به ] أي لا حجة له به ولا دليل
[ فإنما حسابه عند ربه ] أي جزاؤه وعقابه عند الله
[ إنه لا يفلح الكافرون ] أي لا يفوز ولا ينجح من جحد وكذب بالله ورسله، وهو الشقي الخاسر، افتتح تعالى السورة بقوله :[ قد أفلح المؤمنون ] وختمها بقوله :[ إنه لا يفلح الكافرون ] ليظهر التفاوت بين الفريقين، فشتان ما بين البدء والختام ! !