[ وإنهم لنا لغائظون ] أي وإنهم يفعلون أفعالا تغيظنا وتضيق صدورنا
[ وإنا لجميع حاذرون ] أي ونحن قوم متيقظون منتبهون، من عادتنا التيقظ والحذر، واستعمال الحزم في الأمور، قال الزمخشري : وهذه معاذير اعتذر بها إلى قومه، لئلا يظن به ما يكسر من قهره وسلطانه، قال تعالى ؟
[ فأخرجناهم من جنات وعيون ] أي أخرجنا فرعون وقومه، من بساتين كانت لهم، وأنهار جارية
[ وكنوز ومقام كريم ] أي وأخرجناهم من الأموال، التي كنزوها من الذهب والفضة، ومن المنازل الحسنة والمجالس البهية
[ كذلك وأورثناها بني إسرائيل ] أي مثل ذلك الإخراج الذي وضعناه فعلنا بهم، وأورثنا بني إسرائيل ديارهم وأموالهم، بعد إغراق فرعون وقومه
[ فأتبعوهم مشرقين ] أي فلحقوهم وقت شروق الشمس
[ فلما تراءى الجمعان ] أي فلما رأى كل منهما الآخر، والمراد (جمع موسى) و(جمع فرعون )
[ قال أصحاب موسى إنا لمدركون ] أي ملحقون يلحقنا فرعون وجنوده فيقتلوننا، قالوا ذلك حين رأوا فرعون الجبار وجنوده وراءهم، والبحر أمامهم، وساءت ظنونهم
[ قال كلا ] أي قال موسى : كلا لن يدركوكم، فارتدعوا عن مثل هذا الكلام وإنزجروا
[ إن معي ربي سيهدين ] إن ربي معه بالحفظ والنصرة، وسيهديني إلى طريق النجاة والخلاص، قال الرازي : قوى نفوسهم بأمرين : أحدهما أن ربه معه وهذا دلالة النصرة والتكفل بالمعونة، والثاني : قوله :[ سيهدين ] أي إلى طريق النجاة والخلاص، وإذا دله على طريق نجاته وهلاك أعدائه، فقد بلغ النهاية في النصر
[ فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر ] أي أمرنا موسى بطريق الوحي أن يضرب البحر بعصاه
[ فانفلق ] أي فضربه فانشق وانفلق
[ فكان كل فرق كالطود العظيم ] أي فكان كل جزء منه كالجبل الشامخ الثابت، قال ابن عباس : صار فيه اثنا عشر طريقا لكل سبط منهم طريق (( وإنما جعل الله لهم في البحر اثني عشر طريقا، لئلا يزدحموا حين مرورهم فيه، وصار على قدر عدد الأسباط، لكل سبط طريق ))
[ وأزلفنا ثم الآخرين ] أي وقربنا هناك فرعون وجماعته حتى دخلوا البحر، على إثر دخول بني إسرائيل
[ وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ] أي أنجينا موسى والمؤمنين معه جميعا
[ ثم أغرقنا الآخرين ] أي أغرقنا فرعون وقومه، قال المفسرون : لما انفلق البحر جعله الله يبسا لموسى وقومه، وصار فيه اثنا عشر طريقا ووقف الماء بينها كالطود العظيم، فلما خرج أصحاب موسى وتكامل دخول أصحاب فرعون أمر الله البحر أن يطبق عليهم فغرقوا فيه، فقال بعض أصحاب موسى : ما غرق فرعون ! فنبذ على ساحل البحر حتى نظروا إليه
[ إن في ذلك لآية ] أي إن في إغراق فرعون وقومه، لعبرة عظيمة على إنجاء الله لأوليائه، وإهلاكه لأعدائه
[ وما كان أكثرهم مؤمنين ] أي ومع معاهدة هذه الآية العظمى، لم يؤمن أكثر البشر، وفيه تسلية للنبي (ص) ووعيد لمن عصاه
[ وإن ربك لهو العزيز الرحيم ] أي هو تعالى المنتقم من أعدائه الرحيم بأوليائه
[ واتل عليهم نبأ إبراهيم ] هذه بداية (قصة إبراهيم ) أي اقصص عليهم يا أيها الرسول خبر (إبراهيم ) الهام وشأنه العظيم (( قال الفخر الرازي : ذكر تعالى في اول السورة حزن النبي (ص) بسبب كفر قومه، ثم ذكر قصة موسى ليعرف محمد أن مثل تلك المحنة كانت حاصلة لموسى، ثم ذكر عقبها قصة إبراهيم ليعرف محمد أيضأ أن حزن إبراهيم بهذا السبب كان أشد من حزنه، لأن من عظيم المحنة على إبراهيم أن يرى أباه وقومه فى النار، وهو لا يتمكن من إنقاذهم إلا بالدعاء والتنبيه ))
[ إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون ] أي حين قال لأبيه وعشيرته أي شئ تعبدون ؟ سألهم مع علمه بأنهم يعبدون الأصنام ليبين لهم سفاهة عقولهم في عبادة ما لا ينفع، ويقيم عليهم الحجة


الصفحة التالية
Icon