[ وإني لأظنه من الكاذبين ] أى وإني لأظن موسى كاذبا في ادعائه أن في السماء ربا ! ! قال تعالى :
[ واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق ] أى وتكبر وتعظم فرعون وقومه عن الإيمان وتصديق موسى، في أرض مصر، بالباطل والظلم
[ وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون ] أي واعتقدوا أن لا بعث ولا نشور، ولا حساب ولا جزاء
[ فأخدناه وجنوده فنبذناهم في اليم ] أى فأخذناه مع جنوده فطرحناهم في البحر، وأغرقناهم فلم يبق منهم أحد
[ فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ] أى فانظر يا محمد بعين قلبك، نظر اعتبار، كيف كان مآل هؤلاء الظالمين، الذين بلغوا من الكفر والطغيان أقصى الغايات ؟
[ وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ] أى وجعلناهم في الدنيا قادة وزعماء في الكفر، يقتدي بهم أهل الضلال
[ ويوم القيامة لا ينصرون ] أى ويوم القيامة ليس لهم ناصر يدفع عنهم العذاب
[ وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ] أى جعلنا اللعنة تلحقهم في هذه الحياة الدنيا، من الله والملائكة والمؤمنين
[ ويوم القيامة هم من المقبوحين ] أى وفي الآخرة هم من المبعدين المطرودين من رحمة الله عز وجل.
البلاغة :
تضمنت الآيات وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - التأكيد بإن واللام [ إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ] مناسبة لمقتضى الحال.
٢ - الاستعطاف والترحم [ رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ].
٣ - جناس الاشتقاق بين قص والقصص [ وقص عليه القصص ].
٤ - التشبيه المرسل المجمل [ تهتز كأنها جان ] حذف منه وجه الشبه فأصبح مجملا، والأصل : كأنها جان في الخفة وسرعة الحركة.
٥ - الطباق بين [ يصدقني.. ويكذبون ].
٦ - الكناية [ واضمم إليك جناحك ] كنى عن اليد بالجناح، لأنها للإنسان كالجناح للطائر
٧ - المجاز المرسل [ سنشد عضدك بأخيك ] من إطلاق السبب وإرادة المسبب، لأن شد العضد يستلزم شد اليد، وشد اليد مستلزم للقوة، قال الشهاب : ويمكن أن يكون من باب (الاستعارة التمثيلية) شبه حال موسى في تقويته بأخيه بحال اليد فى تقويتها بيد شديدة.
لطيفة :
قال الزمخشري : إنما قال :[ فأوقد لي يا هامان على الطين ] أى أوقد لي النار فأتخذ منه أجرا، ولم يقل " اطبخ لي الآجر " لأن هذه العبارة أحسن طباقا لفصاحة القرآن وعلو طبقته، واشبه بكلام الجبابرة، وهامان وزيره ومدبر رعيته.
قال الله تعالى :[ ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى.. ] إلى قوله [ وله الحكم وإليه ترجعون ]. من آية (٤٣ ) إلى نهاية آية ( ٧٥).
المناسبة :
بعد أن ذكر تعالى نعمته على بني إسرائيل، بإهلاك فرعون رأس الطغيان وتخليصهم من شره، ذكر هنا ما أنعم به عليهم من إنزال التوراة التى فيها الهدى والنور، كما ذكر نعمته على العرب، بإنزال القرآن العظيم خاتمة الكتب السماوية.
اللغة :
[ ثاويا ] مقيما وثوى بالمكان أقام به، قال الشاعر :" لقد كان في حولي ثواء ثويته "
[ يدرءون ] يدفعون، والدرء : الدفع وفي الحديث :" ادرءوا الحدود بالشبهات "
[ يجبى ] يجمع، جبى الماء في الحوض جمعه، والجابية : الحوض العظيم
[ بطرت ] البطر : الطغيان في النعمة
[ آلأنباء ] الأخبار جمع نبأ وهو الخبر الهام.
سبب النزول :
لما حضرت أبا طالب الوفاة قال له رسول الله (ص) : يا عم قل (لا إله إلا الله ) أشهد لك بها يوم القيامة! ! فقال أبو طالب : تولا أن تعيرني قريش يقولون : إنما حمله على ذلك الجزع، لأقررت بها عينك فأنزل الله عز وجل :[ إنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدى من يشاء، وهو أعلم بالمهتدين ]
التفسير :