[ إن أهلها كانوا ظالمين ] أى لأن أهلها ممعنون في الظلم والفساد، طبيعتهم البغي والعناد، قال المفسرون : لما دعا لوط على قومه، استجاب الله دعاءه، وأرسل ملائكته لأهلاكهم، فمروا بطريقهم على إبراهيم أولا، فبشروه بغلام وذرية صالحة، ثم أخبروه بما أرسلوا من أجله، فجادلهم بشأن ابن أخيه لوط
[ قال إن فيها لوطا ] أى كيف تهلكون أهل القرية وفيهم هذا النبي الصالح " لوط "
[ قالوا نحن أعلم بمن فيها ] أى نحن أعلم به وبمن فيها من المؤمنين، قال الصاوى : وهذا بعد المجادلة التي تقدمت فى سورة هود
[ يجادلنا في قوم لوط ] حيث قال لهم : أتهلكون قرية فيها ثلاثمائة مؤمن ؟ قالوا : لا، إلى أن قال : أفرايتم إن كان فيها مؤمن واحد ؟ قالوا : لا، فقال لهم :
[ إن فيها لوطا ] فأجابوه بقولهم
[ نحن أعلم بمن فبها ] ثم بشروه بإنجاء لوط والمؤمنين
[ لننجينه وأهله إلا أمرأته كانت من الغابرين ] آي سوف ننجيه مع أهله من العذاب، إلا أمرأته فستكون من الهالكين، لأنها كانت تمالئهم على الكفر! ! ثم ساروا من عنده، فدخلوا على " لوط " في صورة شبان حسان
[ ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا ] أي ولما دخلوا على لوط حزن بسببهم، وضاق صدره من مجيئهم، لأنهم حسان الوجوه، في صورة أضياف، فخاف عليهم من قومه، فأعلموه أنهم رسل ربه
[ وقالوا لا تخف ولا تحزن ] أي لا تخف علينا ولا تحزن بسببنا، فلن يصل هؤلاء المجرمون إلينا
[ إنا منجوك وأهلك إلا أمرأنك كانت من الغابرين ] أى كانت من الهالكين، الباقين في العذاب
[ إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ] أي منزلون عليهم عذابا من السماء، بسبب فسقهم المستمر، قال ابن كثير : وذلك ان جبريل عليه السلام اقتلع قراهم من قرار الأرض، ثم رفعها إلى عنان السماء، ثم قلبها عليهم، وأرسل الله عليهم حجارة من سجيل منضود، وجعل تعالى مكانها بحيرة خبيثة منتنة، وجعلهم عبرة إلى يوم التناد، وهم من أشد الناس عذابا يوم المعاد
[ ولقد تركنا منها آية بينة ] أي ولقد تركنا من هذه القرية، علامة بينة واضحة، هي آثار منازلهم الخربة
[ لقوم يعقلون ] أي لقوم يتفكرون ويتدبرون، ويستعملون عقولهم فى الاستبصار والاعتبار.. ثم أخبر تعالى عن قصة شعيب فقال
[ وإلى مدين أخاهم شعيبا، أي وأرسلنا إلى قوم مدين أخاهم شعيبا
[ فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ] أي فقال لقومه ناصحا ومذكرا : يا قوم وحدوا الله، وخافوا عقابه الشديد، في اليوم الآخر
[ ولا تعثوا في الأرض مفسدين ] أي لا تسعوا بالإفساد في الأرض بأنواع البغي والعدوان
[ فكذبوه فأخذتهم الرجفة ] أي فكذبوا رسولهم شعيبا فأهلكهم الله برجفة عظيمة مدمرة، زلزلت عليهم بلادهم، وصيحة هائلة أخرجت القلوب من حناجرها
[ فأصبحوا في دارهم جاثمين ] أي فأصبحوا هلكى باركين على الركب ميتين
[ وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم ] أي وأهلكنا عادا وثمود، وقد ظهر لكم يا أهل مكة من منازلهم بالحجاز واليمن، آيتنا في هلاكهم أفلا تعتبرون ؟
[ وزين لهم الشيطان أعمالهم ] أي وحسن لهم الشيطان أعمالهم القبيحة، من الكفر والمعاصي حتى رأوها حسنة
[ فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ] أي فمنعهم عن طريق الحق، وكانوا عقلاء متمكنين من النظر والاستدلال، لكنهم لم يفعلوا تكبرا وعنادا
[ وقارون وفرعون وهامان ] أي وأهلكنا كذلك الجبابرة الظالمين
[ قارون ] صاحب الكنوز الكثيرة
[ وفرعون ] صاحب الملك والسلطان، ووزيره
[ هامان ] الذي كان يعينه على الظلم والطغيان
[ فاستكبروا في الأرض ] أي فاستكبروا عن عبادة الله، وطاعة رسوله


الصفحة التالية
Icon