[ وقولوا آمنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم ] أي وقولوا لهم : آمنا بالقرآن الذي أنزل إلينا، وبالتوراة والإنجيل التي أنزلت إليكم، قال أبو هريرة : كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله (ص) :(لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم
[ وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون ] أي ربنا وربكم واحد، لا شريك له في الألوهية، ونحن له مطيعون، مستسلمون لحكمه وأمره
[ وكذلك أنزلنا إليك الكتاب ] أي وكما أنزلنا الكتاب على من قبلك يا محمد أنزلناه عليك
[ فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ] أي فالذين أعطيناهم الكتاب كعبد الله بن سلام وأمثاله، ممن أسلم من اليهود والنصارى، يؤمنون بالقرآن
[ ومن هؤلاء من يؤمن به ] أي ومن أهل مكة من يؤمن بالقرآن كذلك
[ وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون ] أي وما يكذب بآياتنا وينكرها، مع ظهورها وقيام الحجة عليها، إلا المتوغلون فى الكفر، المصرون على العناد، قال قتادة : وإنما يكون الجحود بعد المعرفة
[ وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك ] أي وما كنت يا محمد تعرف القراءة ولا الكتابة، ولا تقرأ شيئا من الكتب المنزلة قبلك، لأنك أمى، لتظهر المعجزة فيك، قال ابن عباس : كان رسول الله (ص) لا يقرأ شيئا ولا يكتب
[ إذا لارتاب المبطلون ] أي لو كنت تقرأ او تكتب، إذا لشك الكفار في القرآن، وقالوا : لعله التقطه من كتب الأوائل، ونسبه إلى الله ؟ والآية احتجاج على أن القرآن من عند الله، لأن النبي أمى وجاءهم بهذا الكتاب المعجز، المتضمن لأخبار الأمم السابقة، والأمور الغيبية، وذلك أكبر برهان على صدقه (ص) قال ابن كثير : المعنى : قد لبثت في قومك يا محمد - من قبل أن تأتي بهذا القرآن - عمرا لا تقرأ كتابا، ولا تحسن الكتابة، بل كل أحد من قومك يعرف أنك أمى، لا تقرأ ولا تكتب، وهكذا كان رسول الله (ص) دائما، إلى يوم الدين لا يحسن الكتابة، ولا يخط حرفا ولا سطرا بيده، بل كان كتاب يكتبون له الوحى
[ بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ] (بل) للأضراب، أي ليس الأمر كما حسب الظالمون والمبطلون، بل هو آيات واضحات الإعجاز، ساطعات الدلالة على أنها من عند الله، محفوظة فى صدور العلماء، قال المفسرون : من خصائص القرآن العظيم أن الله حفظه من التبديل والتغيير بطريقين : الأول : الحفظ في السطور، والثانى : الحفظ في الصدور، بخلاف غيره من الكتب، فإنها مسطرة لديهم، غير محفوظة في صدورهم، ولهذا دخلها التحريف، وقد جاء في صفة هذه الأمة " أناجيلهم في صدورهم " وقال الحسن : أعطيت هذه الأمة الحفظ، وكان من قبلها لا يقرءون كتابهم إلا نظرا، فإذا أطبقوه لم يحفظ ما فيه إلا النبيون
[ وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون ] أي وما يكذب بآيات الرحمن، إلا المتجاوزون الحد في الكفر والطغيان
[ وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه ] أي وقال كفار مكة : هلا أنزل على محمد آيات خارقة من ربه، تدل على صدقه ! ! مثل ناقة صالح، وعصا موسى، ومائدة عيسى! !
[ قل إنما الآيات عند الله ] أي قل لهم يا محمد : إنما أمر هذه الخوارق والمعجزات لله، وليست بيدي، إن شاء أرسلها، وإن شاء منعها، وليس لأحد دخل فيها
[ وإنما أنا نذير مبين ] أي وإنما أنا منذر أخوفكم عذاب الله، وليس من شأني أن آتي بالآيات


الصفحة التالية
Icon