[ أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم ] أي أولم ير هؤلاء الكفار، رؤية تفكر واعتبار، أنا جعلنا بلدهم (مكة) حرما مصونا عن السلب والنهب، آمنا أهله من القتل والسبي، والناس حولهم يسبون ويقتلون ؟ قال الضحاك :[ ويتخطف الناس من حولهم ] أي يقتل بعضهم بعضا، ويسبي بعضهم بعضا
[ أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون ] أي أفبعد هذه النعم الجليلة، يؤمنون بالأوثان ويكفرون بالرحمن ؟
[ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه ] أي لا أحد أظلم من عبد غير الله، وكذب بالقرآن حين جاءه
[ أليس في جهنم مثوى للكافرين ] ؟ أي أليس في جهنم مسكن وموضع إقامة، للكافرين بآيات الله ؟ جزاء افترائهم وكفرهم ؟
[ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ] أي والذين جاهدوا النفس والشيطان، والكفرة أعداء الدين، ابتغاء مرضاتنا لنهدينهم طريق السير إلينا
[ وإن الله لمع المحسنين ] أي مع المؤمنين بالنصر والعون، ومن كان الله معه فهو في أمن وأمان.
البلاغه :
تضمنت الآيات وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - التحضيض [ لولا أنزل عليه آيات من ربه ] أي هلا أنزل عليه.
٢ - الطباق بين ] آمنوا بالباطل وكفروا بالله ].
٣ - إفادة القصر [ أولئك هم الخاسرون ] أي لا غيرهم.
٤ - الإطناب بذكر العذاب مرات للتشنيع على المشركين [ ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى ] [ يستعجلونك بالعذاب لأن جهنم ] [ يوم يغشاهم العذاب ] إلخ.
٥ - الإضافة للتشريف والتكريم [ يا عبادي الذين آمنوا ].
٦ - الطباق بين [ يبسط الرزق.. ويقدر ] ومثله [ أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون
٧ - المجاز العقلي [ حرما آمنا ] أي آمنا أهله.
٨ - التشبيه البليغ [ وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب ] أي كاللهو وكاللعب، حذفت أداة التشبيه ووجه الشبه، فأصبح بليغا على حد قولهم :" زيد أسد " ومحمد قمر.
٩ - الإيجاز بحذف جواب الشرط لدلالة السياق عليه [ لو كانوا يعلمون ] أي لو كانوا يعلمون لما آثروا الدنيا على الآخرة، ولا الفانية على الباقية. ١
٥ - مراعاة الفواصل لما لها من وقع عظيم على السمع، يزيد الكلام رونقا وجمالا، مثل [ أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون ] [ بل أكثرهم لا يعلمون ] [ إذا هم يشركون ] الخ
تنبيه :
لا ينبغي لمسلم أن يبقى بأرض، لا يتيسر له فيها عبادة الله، فأرض الله واسعة، وقد أشارت الآيات إلى وجوب الهجرة إلى دار الإسلام وكما قيل " وكل مكان ينبت العز طيب


الصفحة التالية
Icon