[ وأما الذين سُعِدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السمواتُ والأرضُ إِلا ما شاء ربك ] هذا بيانْ لحال الفريق الثاني (أهل السعادة) اللهم اجعلنا منهم، أي وأْما السعداء الأبرار فإِنهم مستقرون في الجنة، لا يُخْرجون منها أبدا، دائمون فيها دوام السموات والأرض، ما دامت سموات الجنة، وأرض الجنة، حسب مشيئته تعالى، وقد شاء تعالى لهم الخلود والدوام
[ عطاءَ غير مجذوذ ] أي عطاءَ غير مقطوع عنهم، بل هو ممتد إِلى غير نهاية
[ فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ] أي لا تكن في شكِ من عبادة هؤلاء المشركين، في أنها ضلال، بمعنى لا تشك في فساد دينهم
[ ما يعبدونَ اِلا كما يعبدُ آباؤهم من قبلُ ] أي هم مقلدون لآبائهم تقليدأ أعمى، من غير حجة ولا برهان، وهذه تسلية للرسول، ووعد له بالانتقام منهم، إِذ حالُهم حالُ من سبقهم من الضالين المكذبين، وقد بلغك ما نزل بأسلافهم، فسينزل آللهُ بهم مثله
[ وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص ] أي وسنعطيهم جزاءهم من العذاب كاملا غير منقوص، وقال ابن عباس : ما قُدر لهم من الخير والشر
[ ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلفَ فيه ] يقول تعالى مسليا نبيه عن تكذيب مشركي قومه له : لا يحزنك يا محمد تكذيب هؤلاء لك، فلقد اَتينا موسى التوراة، كما آتيناك الفرقان، فاختلف في ذلك الكتاب، فكذب به بعضُهم، وصدق به بعضُهم، كما فعل قومك
[ ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم ] أي ولولا حكم الله السابق، بتأخير الحساب والجزاء إلى يوم القيامة، لقضي بينهم في الدنيا، فجوزي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، ولكن سبق القدر بتأخير الجزاء إِلى يوم الحساب
[ واِنهم لفي شكِ منه مريب ] أي وإن كفار قومك لفي شك من هذا القرآن مُريب لهم، إِذ لا يدرون أحق هو أم باطل ؟
[ وأِن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالَهم ] أي وإِن كلاا من المؤمنين والكافرين، فمهما نعغم المؤمن في الدنيا، ومهما عُذْب الكافر فيها، فإنهم لما ينالوا جزاء أعمالهم كاملة وسيوفيهم ربك جزاءها في الآخرة
[ إِنه بما يعملون خبير ] أي عليمَ بأعمالهم جميعا، صغيرها وكبيرها، وسيجازيهم عليها
[ فاستقم كما أُمرت ] أي استقم يا محمد على أمر الله، واثُبت وداوم على الاستقامة، كما أمركَ ربك
[ ومن تابَ معك ] أي ومن تاب عن الشرك وآمن معك
[ ولا تطغَوا ] أي لا تجاوزوا حدود الله، بارتكاب المحارم
[ إِنه بما تعملون بصير ] أي إِنه تعالى مطلع على أعمالكم، وسيجازيكم عليها
[ ولا تركنوا اِلى الذين ظلموا فتمسكم النار ] أي لا تميلوا الى الظلمة من الولاة، وغيرهم من الفسقة الفجرة، فتمسكم نار جهنم، قال البيضاوي : الركون هو الميل اليسير أي لا تميلوا إِليهم أدنى ميل، فتمسكم النار بركونكم إِليهم ! ! وإذا كان الركونُ اليسير يسمى (ظلماَ)، فما ظنك بالركون إِلى الظالمين الغارقين في الظلم ؟ والميل إِليهم كل الميل
[ وما لكم من دون الله من أولياء ثم لاتُنصرون ] أي ليس لكم من يمنعكم من عذابه، لم لا تجدون من ينصركم من ذلك البلاء، قال القرطبي : والآية دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي، فإِن صحبتهم كفر أو معصية، إِذ الصحبةُ لا تكون إِلا عن مودة، وأما صحبة الظالم على التقية، فمستثناة من النهي بحال الاضطرار
[ وأقم الصلاةَ طرفى النهار ] أي أقم الصلاة المكتوبة على تمامها وكمالها، أول النهار وآخره، والمراد صلاة الصبح والعصر، لأنهما طرفا النهار
[ وزُلَفا من الليل ] أي ساعاتي منه قريبة من النهار، والمراد بهما المغرب والعشاء


الصفحة التالية
Icon