[ وما شهدنا إلا بما علمنا ] أي ولسنا نشهد إلا بما تيقنا وعلمنا فقد رأينا الصاع في رَحله
[ وما كنا للغيب حافظين ] أي ما علمنا أنه سيسرق حين أعطيناك الميثاق
[ واسأل القرية التي كنا فيها ] أي واسأل أهل مصر عن حقيقة ما حدث قال البيضاوي : أي أرسل إلى أهلها واسألهم عن القصة
[ والعير التي أقبلنا فيها ] أي واسأل أيضاً القافلة التي جئنا معهم وهم قوم من (كنعان ) كانوا بصحبتهم في هذه السفرة
[ وإنا لصادقون ] أي صادقون فيما أخبرناك من أمره
[ قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً ] أي زينت وسهلت لكم أنفسكم أمراً ومكيدة فنفذتموها، اتهمهم بالتآمر على " بنيامين " لما سبق منهم في أمر يوسف
[ فصبرجميل ] أي لا أجد سوى الصبر محتسبا أجري عند الله
[ عسى الله أن يأتيني بهم جميعاَ ] أي عسى أن يجمع الله شملي بهم، ويقر عيني برؤيتهم جميعا
[ إنه هو العليم الحكيم ] أي العالم بحالي الحكيم في تدبيره وتصريفه
[ وتولى عنهم ] أي أعرض عن أولاده كراهة لما سمع منهم
[ وقال يا أسفى على يوسف ] أي يا لهفى ويا حسرتي وحزني على يوسف
[ وابيضت عيناه من الحزن ] أي فَقَد بصرَه وعشي (( عشى البصر : ضعف حتى كاد لا يرى من شدة البكاء كأن غشاوة صارت عليه، قال الشاعر : عشيت عيناي من طول البكاء. قال المفسرون : إن يعقوب فقد بصره من شدة حزنه على يوسف وبقي لا يبصر ست سنوات حتى كشف الله عنه الضر بقميص يوسف واستدلوا بقوله تعالى :﴿ألقاه على وجهه فارتد بصيرا.. ﴾ )) من شدة البكاء حزناً على ولديه
[ فهو كظيم ] أي مملوء القلب كمداً وغيظاً ولكنه يكتم ذلك في نفسه، وهو مغموم ومكروب لتلك الداهية الدهياء قال أبو السعود : وإنما تأسف على يوسف مع أن الحادث مصيبة أخويه لأن ذِكرَ يوسف كان آخذاً بمجامع قلبه لا ينساه ولأنه كان واثقاً بحياتهما طامعا في إيابهما وأما يوسف فلم يكن في شأنه ما يحرك سلسلة رجائه سوى رحمة الله وفضله وقال الرازي : الحزن الجديد يقوي الحزن القديم الكامن في النفس، والأسى يبعث الأسى ويثير الأحزان، كما قال الشاعر : فقلت له إن الأسى يبعث الأسى فدعني فهذاكله قبرمالك
[ قالوا تالله تَفتَؤا تذكر يوسف ] أي لا تفتأ ولا تزال تذكر يوسف وتتفجع عليه
[ حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين ] أي حتى تكون مريضاً مشرفاً على الهلاك أو تهلك أسى وحسرة وتموت
[ قال إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله ] أي قال لهم يعقوب : لستُ أشكو غمي وحزني إليكم وإنما أشكو ذلك إلى الله فهو الذي تنفع الشكوى إليه
[ وأعلم من الله ما لا تعلمون ] أي أعلم من رحمته وإحسانه ما لا تعلمون أنتم فأرجو أن يرحمني ويلطف بى ويأتيني بالفرج من حيث لا أحتسب
[ يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ] أي اذهبوا إلى الموضع الذي جئتم منه فالتمسوا يوسف وتعرفوا على خبره وخبر أخيه بحواسكم
[ ولا تيأسوا من روح الله ] أي لا تقنطوا من رحمة الله وفرجه وتنفيسه
[ إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ] أي فإنه لا يقنط من رحمته تعالى إلا الجاحدون المنكرون لقدرته جل وعلا
[ فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر ] في الكلام محذوف أي فخرجوا راجعين إلى مصر فدخلوا على يوسف فلما دخلوا قالوا يا أيها العزيز أصابنا وأهلنا الشدة من الجدب والقحط
[ وجئنا ببضاعة مزجاة ] أي وجئنا ببضاعة رديئة مدفوعة يدفعها كل تاجر رغبة عنها واحتقاراً قال ابن عباس : كانت دراهمهم رديئة لا تقبل في ثمن الطعام. لقد أظهروا له الذل والانكسار استرحاماً واستعطافاً
[ فأوف لنا الكيل ] أي أتمم لنا الكيل ولا تنقصه لرداءة بضاعتنا
[ وتصدق علينا ] أي برد أخينا إلينا أو بالمسامحة عن رداءة البضاعة