سورة الرعد
مدنية وآَياتها ثلاث وأربعون آية
يدى السورة
سورة الرعد من السور المكية، التي تتناول المقاصد الأساسية للسور المكية، من تقرير " الوحدانية " و " الرسالة " و " البعث والجزاء " ودفع الشبه التي يثيرها المشركون، وقيل : إنها مدنية وجوها جو المكي. ابتدأت السورة الكريمة بالقضية الكبرى، قضية الإيمان بوجود الله ووحدانيته، فمع سطوع الحق ووضوحه، كذب المشركون بالقرآن، وجحدوا وحدانية الرحمن، فجاءت الآيات تقرر كمال قدرته تعالى، وعجيب خلقه، في السموات والأرض، والشمس والقمر، والليل والنهار، والزروع والثمار، وسائر ما خلق الله في هذا الكون الفسيح البديع.
ثم تلتها الآيات في إثبات البعث والجزاء، ثم بعد ذكر الأدلة الساطعة والبراهين القاطعة، على انفراده جل وعلا بالخلق والإِيجاد، والإِحياء والإِماتة، والنفع والضر، ضرب القرآن مثلين للحق والباطل أحدهما : في الماء ينزل من السماء، فتسيل به الأودية والشعاب، ثم هو يجرف في طريقه الغثاء، فيطفو على وجهه الزبد الذي لا فائدة فيه، والثاني : في المعادن التي تذاب لتصاغ منها الأواني وبعض الحلية كالذهب والفضة، وما يعلو هذه المعادن من الزبد والخبث، الذي لا يلبث ان يذهب جفاء ويضمحل ويتلاشى، ويبقى المعدن النقي الصافي [ أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا.. ] الآيات فذلك مثل الحق والباطل. وذكرت السورة الكريمة اوصاف أهل السعادة وأهل الشقاوة، وضربت مثَلا بشهادة الله لرسوله بالنبوة والرسالة، وأنه مرسل من عند الله العزيز الحكيم.
التسمية :
سميت [ سورة الرعد ] لتلك الظاهرة الكونية العجيبة، التي تتجلى فيها قدرة الله وسلطانه، فالماء جعله الله سببا للحياة، وأنزله بقدرته من السحاب، والسحاب جمع الله فيه بين (الرحمة والعذاب )، فهو يحمل المطر ويحمل الصواعق، وفي الماء الإحياء، وفي الصواعق الإفناء، وجمع النقيضين من العجائب كما قال القائل : جمع النقيضين من أسرار قدرته هذا السحاب به ماء به نار فما أجمل واعظم قدرة الله !!
اللغة :
[ عمد ] العمد : الدعائم وهو اسم جمع وقيل : جمع عمود
[ صنوان ] جمع صنوو وهو الغصن الخارج عن اصل الشجرة واصله المثْل ومنه قيل للعم صنو لمماثلته للأب، فإذا كان للشجرة عدة فروع فهي صنوان
[ الأغلال ] جمع غل وهو طوق تشد به اليد إلى العنق
[ المثلات ] جمع مثلَة وهي العقوبة وسميت بذلك لما بين العقاب والمعاقب من المماثلة
[ تغيض ] غاض الماء نقص أو غار
[ سارب ] السارب : الذاهب في سربه أي طريقه بوضح النهار لا يستخفي عن الأنظار
[ معقبات ] ملائكة يعقب بعضهم بعضا اي يأتي بعضهم عقب بعض
[ المحال ] القوة والإهلاك والنقمة.
سبب النزول :
عن أنس أن رسول الله، بعث رجلا إلى جبار من فراعنة العرب فقال : اذهب فادعه لي ! ! فقال يا رسول الله : إنه جبار عات قال : اذهب فادعه لي، فذهب إليه فقال : يدعوك رسول الله (ص) فقال : أخبرني عن إله محمد أمن ذهب هو ؟ أو من فضة ؟ أو من نحاس ؟ فرجع إلى رسول الله (ص) فأخبره بما قال الرجل، وقال له : ألم أخبرك أنه أعتى من ذلك ؟ فقال : ارجع إليه الثانية فادعه لي، فرجع إليه فأعاد عليه ذلك الكلام، فبينما هو يجادله إذ بعث الله عليه سحابة حيال رأسه، فرعدت فوقعت منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه فأنزل الله :[ ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء.. ] الآية.
التفسير :
[ المر ] إشارة إلى إعجاز القرآَن وقال ابن عباس معناه : انا الله أعلم وأرى
[ تلك آيات الكتاب ] اي هذه آيات القرآن المعجز، الذي فاق كل كتاب