[ وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم ] اي وان اريناك يا ايها الرسول بعض الذي وعدناهم من العذاب
[ أو نتوفينك ] اي نقبضك قبل ان نقر عينك، بعذاب هؤلاء المشركين
[ فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ] اي ليس عليك إلا تبليغ الرسالة، وعلينا حسابهم وجزاؤهم
[ أولم يروا انا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ] اي اولم ير هؤلاء المشركون، انا نمكن للمؤمنين من ديارهم، ونفتح للرسول الأرض بعد الأرض، حتى تنقص دار الكفر وتزيد دار الإسلام ؟ وذلك من اقوى الأدلة على ان الله منجز وعده لرسوله عليه السلام (( قال سيد قطب : أن يد الله القوية تأتي (الأمم الغنية) حين تبطر وتكفر وتفسد فتنقص من قوتها وقدرها وثرائها وتحصرها فى رقعة ضيقة من الأرض بعد أن كانت ذات امتداد وسلطان ! ! أقول : هذا التفسير جديد وفيه إشراقة من إشراقات النور، ونفحة من نفحات الجمال ))
[ والله يحكم لا معقب لحكمه ] اي ليس يتعقب حكمه أحد، بنقض ولا تغيير
[ وهو سريع الحساب ] أي سريع الانتقام ممن عصاه
[ وقد مكر الذين من قبلهم ] أي مكر الكفار الذين خَلَوا بأنبيائهم كما مكر كفار قريش بك
[ فلله المكر جميعا ] أي له تعالى أسباب المكر جميعا، لا يضر مكرهم إلا بإرادته، فهو يوصل إليهم العذاب من حيث لا يعلمون
[ يعلم ما تكسب كل نفس ] أي من خير وشر فيجازي عليه
[ وسيعلم الكفار لمن عقبي الدار ] اي لمن تكون العاقبة الحسنة في الآخرة
[ ويقول الذين كفروا لست مرسلا ] اي يقول كفار مكة : لست يا محمد مرسلا من عند الله
[ قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ] اي حسبى شهادة الله بصدقي، بما ايدني به من المعجزات
[ ومن عنده علم الكتاب ] اي وشهادة المؤمنين من علماء أهل الكتاب، كعبد الله ابن سلام وامثاله من الاحبار والرهبان !
البلاغة :
في الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي :
١ - التشبيه المجمل في قوله :[ كذلك أرسلناك ] وفي [ وكذلك أنزلناه ] وشمى مرسلا مجملا.
٢ - الايجاز بالحذف في [ أكلها دائم وظلها ] أي وظلها دائم، حذفَ منه الخبر بدليل الخبر السابق (أكلها دائم ).
٣ - المقابلة بين عاقبة المتقين، وعاقبة المجرمين، في قوله [ تلك عقبي الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار ] وهو من المحسنات البديعية.
٤ - جناس الاشتقاق في [ أرسلنا رسلا ].
٥ - الطباق في [ يمحو.. ويثبت ].
٦ - القصر في [ إنما أمرت أن أعبد الله ] وفي [ فإنما عليك البلاغ ] وكلاهما (قصر اضافي )، من باب قصر الموصوف على الصفة، اي ليس لك من الصفات الا صفة التبليغ.
٧ - التهييج والإلهاب [ ولئن اتبعت أهواءهم ].
٨ - المجاز المرسل في [ نأتي الأرض ] أي يأتيها أمرنا وعذابنا.
لطيفة :
فسر بعضهم قوله تعالى :[ ننقصها من أطرافها ] ان نقصانها بموت علمائها وفقهائها، واهل الخير والصلاح فيها، وهذا مروى عن مجاهد وابن عباس في رواية عنه، وانشد بعضهم : الأرض تحيا اذا ما عاش عالمها متى يمت عالم منها يمت طَرف كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل بها وإن أبى عاد في أكنافها التلَف.


الصفحة التالية
Icon