[ إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد ] أي هو قادر على الإفناء، كما قادر على الإيجاد والإحياء، قال ابن عباس : أي يميتكم يا معشر الكفار، ويخلق قوما غيركم، يكونون خيرآً منكم وأطوع لله
[ وما ذلك على الله بعزيز ] أي ليس ذلك بصعب، أو متعذرِ على الله، فإن القوى القادر لا يصعبُ عليه شيء
[ وبرزوا لله جميعا ] أي خرجوا من قبورهم يوم البعث، وظهروا للحساب لا يسترهم عن الله ساتر، قال الإمام الفخر : ورد بلفظ الماضي [ وبرزوا ] وإن كان معناه الاستقبال، لأن كل ما أخبر الله تعالى عنه، فهو صدق وحق، فصار كأنه قد حصل، ودخل في الوجود، ونظيره [ ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار ]
[ فقال الضعفاء للذين استكبروا ] أي قال الأتباع والعوام : للسادة الكبراء والقادة الذين أضلوهم في الدنيا
[ إنا كنا لكم تبعا ] أي كنا أتباعا لكم نأتمر بأمركم
[ فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء ] أي هل أنتم دافعون عنا شيئا من عذاب الله ؟ والاستفهام للتوبيخ والتقريع
[ قالوا لو هدانا الله لهديناكم ] أي قال القادة معتذرين : لو هدانا الله للإيمان لهديناكم إليه، ولكن حصل لنا الضلال فأضللناكم، فلا ينفعنا العتاب ولا الجزع
[ سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ] أي يستوي علينا الجزع والصبر، قال الطبري : ان أهل النار يجتمعون فيقول بعضهم لبعض : إنما أدركَ أهل الجنة السعادة، ببكائهم وتضرعهم إلى الله، فتعالوا نبكي ونتضرع إلى الله، فبكوا فلما رأوا أن ذلك لا ينفعهم، قالوا : تعالوا نصبر فصبروا صبرا لم يُر مثلُه، فلما رأوا أنه لا ينفعهم، قالوا :[ سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ] وقال مقاتل : جزعوا خمسمائة عام، وصبروا خمسمائة عام
[ ما لنا من محيص ] أي ليس لنا من مهرب أو ملجأ
[ وقال الشيطان لما قضي الأمر ] هذه هي (الخطبة البتراء) التي يخطب بها إبليس، في محفل الأشقياء في جهنم، أي قال الشيطانُ لما فُرغ من الحساب، ودخل أهل الجنة الجنة، وأهل النارِ النارَ
[ إن الله وعدكم وعد الحق ] أي وعدكم وعداَ حقا، باِثابة المطيع وعقاب العاصي، فوفى لكم وعده
[ ووعدتكم فأخلفتكم ] أي وعدتكم ألأ بعث، ولا ثواب، ولا عقاب، فكذبتكم وأخلفتكم الوعد
[ وما كان لي عليكم من سلطان ] أي لم يكن لي قدرة وتسلط وقهر عليكم فأقهركم على الكفر والمعاصي
[ إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ] أي إلا دعائي إياكم إلى الضلالة بالوسوسة والتزيين فاستجبتم لي باختياركم
[ فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ] أي لا ترجعوا باللوم على اليوم، ولكن لوموا أنفسكم، فإن الذنب ذنبكم
[ ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي ] أي ما أنا بمغيثكم، ولا انتم بمغيثى من عذاب الله
[ إني كفرت بما أشركتمون من قبل ] أي كفرت بإشراككم لي مع الله في الطاعة
[ إن الظالمين لهم عداب أليم ] أي إن المشركين لهم عذاب شديد موجع، قال المفسرون : هذه الخطبة إنما تكون، إذا استقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، فيأخذ أهل النار في لوم إِبليس وتقريعه، فيقوم فيما بينهم خطيبا بما أخبر عنه القرآن وقال الحسن : يقف إِبليس يوم القيامة خطيبا في جهنم، على منبر من نار، يسمعه الخلائق جميعا
[ وأُدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم ] لما ذكر تعالى أحوال الأشقياء، ذكر بعده أحوال السعداء، ليبقى العبد بين الرغبة والرهبة، وبين الخوف والرجاء، أي أدخلهم الله تعالى حدائق وبساتين، تجري من تحت قصورها أنهار الجنة، ماكثين فيها أبدا بأمره تعالى وتوفيقه وهدايته
[ تحيتهم فيها سلام ] أي تُحييهم الملائكة بالسلام مع الإجلال والإكرام