[ قالوا أولم ننهك عن العالمين ] أي قالوا : ألم نمنعك عن ضيافة أحد ؟ قال الرازي : المعنى ألسنا قد نهيناك أن تكلمنا في أحد من الناس، إذا قصدناه بالفاحشة
[ قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين ] أي هؤلاء النساء فتزوجوهنً، ولا تركنوا إلى الحرام إن كنتم تريدون قضاء الشهوة، قال المفسرون : المراد بقوله :[ بناتى ] بناتُ أمته، لأن كل نبى يعتبر أبا لقومه
[ لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ] أي وحياتك يا محمد (ص) إن قوم (لوط ) لفي ضلالهم وجهلهم، يتخبطون ويترددون، وهذه جملة اعتراضية جاءت ضمن قصة لوط، قَسَما بحياة الرسول (ص) تكريما له وتشريفا، قال ابن عباس :(ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسا أكرمَ على الله من محمد (ص) وما سمعتُ الله أقسم بحياة أحد من الخلق غيره
[ فأخذتهم الصيحة مشرقين ] أي أخذتهم صيحةُ العذاب المهلكة المدمرة، وقت شروق الشمس
[ فجعلنا عاليها سافلها ] أي قلبناها بهم فجعلنا أعالي المنازل أسافلها، قال المفسرون : حمل جبريل عليه السلام ثراهم واقتلعها من جذورها، حتى رأوا الأفلاك وسمعوا تسبيح الأملاك، لم قلبها بهم
[ وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل ] أي أنزلنا عليهم حجارة كالمطر، من طين متحجر طبخ بنار جهنم
[ إن في ذلك لآيات للمتوسمين ] أي فيما حل بهم من الدمار والعذاب، لدلالات وعلامات للمعتبرين، المتأملين بعين البصر والبصيرة
[ وإنها لبسبيل مقيم ] أي وإن هذه القرى المهلكة، وما ظهر فيها من آثار قهر الله وغضبه، لبطريق ثابتٍ لم يندرس، يراها المجتازون في أسفارهم أفلا يعتبرون
[ إن في ذلك لآية للمؤمنين ] أي لعبرة للمصدقين
[ وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين ] أي وإن الحال والشأن كان قوم شعيب (وهم أصحاب الأيكة أي الشجر الكثير الملتف ) لظالمين بتكذيبهم شعيبا، وقطعهم الطريق، ونقصهم المكيال والميزان
[ فانتقمنا منهم ] أي أهلكناهم بالرجفة، وعذاب يوم الظلة، قال المفسرون : اشتد الحر عليهم سبعة أيام، حتى قربوا من الهلاك، فبعث آلله عليهم سحابة كالظلة، فالتجئوا إليها، واجتمعوا تحتها للتظلل بها، فبعث الله عليهم منها نارا فأحرقتهم جميعا
[ وإنهما لبإمام مبين ] أي وإن قرى قوم (لوط ) و(شعيب ) بطريق واضح، أفلا تعتبرون بهم يا أهل مكة ؟
[ ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين ] هذه هي القصة الرابعة، وهي قصة (صالح ) عليه السلام أي كذبت ثمود نبيهم صالحا - والحجر واد بين المدينة والشام وآثاره باقية يمر عليها المسافرون قال البيضاوي : ومن كذب واحدا من الرسل، فكأنما كذب الجميع، ولذا قال :[ المرسلين ]
[ وأتيناهم آياتن فكانوا عنها معرضين ] أى وأريناهم معجزاتنا الدالة على قدرتنا، مثل الناقة وما فيها من العجائب، فكانوا لا يعتبرون بها ولا يتعظون، قال ابن عباس : كان في الناقة الآيات : خروجُها من آلصخرة، ودنو ولادتها عند خروجها، وعظم خَلقها فلم تشبهها ناقة، وكثرة لبنها حتى كان يكفيهم جميعا، فلم يتفكروا فيها ولم يستدلوا بها
[ وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين ] أي كانوا ينقبون الجبال فيبنون فيها بيوتا اَمنين، يحسبون أنها تحميهم من عذاب الله
[ فأخذتهم الصيحة مصبحين ] أي أخذتهم صيحة الهلاك حين أصبحوا
[ فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ] أي ما دفع عنهم عذابَ آلله، ما كانوا يشيدونه من القلاع والحصون
[ وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق ] أي وما خلقنا الخلائق كلها، سماءها وأرضها، وما بينهما، إلا خلقا ملتبسا بالحق، فلذلك اقتضت الحكمة إهلاك أمثال هؤلاء المكذبين، لئلا يعم الفساد