[ فواكه وهم مكرمون ] أي فواكة متنوعة من جميع ما يشتهون، وهم في الجنة معززون مكرمون، وخص الفواكه بالذكر، لأن كل ما يؤكل في الجنة، إنما هو علي سبيل التفكه والتلذذ، لا بسبب الجوع، لأنهم في دار السعادة والهناء
[ في جنات النعيم ] أي في رياض وبساتين يتنعمون فيها
[ علي سرر متقابلين ] أي على أسرة مكللة بالدر والياقوت، تدور بهم كيف شاءوا قال مجاهد :[ متقابلين ] أي لا ينظر بعضهم إلي قفا بعض، تواصلا وتحاببا
[ يطاف عليهم بكأس من معين ] لما ذكر طعام أهل الجنة، أعقبه بذكر الشراب أي يطوف عليهم خدم الجنة بكأس من الخمر، من نهر جار خارج من عيون الجنة قال الصاوى : وصف به خمر الجنة لأنه يجري كالماء النابع وقال ابن عباس : كل كأس في القرآن فهي الخمر، والمعين هي الجارية
[ بيضاء لذة للشاربين ] أي هذه الخمر بيضاء ذات لذة للشاربين، يلتذ بها من شربها قال الحسن : خمر الجنة أشد بياضا من اللبن
[ لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ] أي ليس فيها ما يغتال عقولهم فيفسدها، ولا هم يسكرون بشربها كما تفعل خمر الدنيا قال ابن كثير : نزه الله سبحانه خمر الجنة عن الآفات التي هي في خمر الدنيا، من (صداع الرأس، ووجع البطن، وذهاب العقل )، فخمر الجنة طعمها طيب كلونها، والمراد بالغول هنا صداع الرأس قاله ابن عباس، وقال قتادة : هو صداع الرأس ووجع البطن وتلك هي أجمل أوصاف الشراب، التي تحقق لذة الشراب، وتنفي أكداره وأضراره، فلا خمار يصدع الرءوس، ولا سكر ولا عربدة يذهب لذة الاستمتاع كما هي الحال في خمرة الدنيا
[ وعندهم قاصرات الطرف ] أي وعندهم الحور العين، العفيفات اللواتي قصرن أعينهن علي النظر إلي أزواجهن، فلا ينظرن إلي غيرهم حياء وعفة، قال ابن عباس :[ قاصرات الطرف ] أي عفيفات، لا ينظرن إلي غير أزواجهن
[ عين ] أي وهن مع العفة واسعات جميلات العيون قال الطبري : أي نُجل العيون جمع عيناء، وهي المرأة الواسعة العين، مع الحسن والجمال، وهي أحسن ما تكون من العيون
[ كأنهن بيض مكنون ] أي كأنهن اللولؤ المكنون في أصدافه قاله ابن عباس، واستشهد بقوله تعالي [ وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون ] وقال الحسن :[ المكنون ] المصون الذي لم تمسه الأيدي، والغرض أنهن مع هذا الجمال الباهر، مصونات كالدر في أصدافه، مع رقة ولطف ونعومة [ كأنهن بيض مكنون ] لا تبتذله الأيدي ولا العيون، والعرب تشبه المرأة بالبيضة لصفائها وبياضها قال أبو حيان : ذكر تعالي في هذه الآيات أولا الرزق وهو ما تتلذذ به الأجسام، وثانيا الإكرام وهو ما تتلذذ به النفوس، ثم ذكر المحل وهو جنات النعيم، ثم لذة التآنس والاجتماع [ علي سرر متقابلين ] وهو أتم للسرور وآنس، ثم ذكر المشروب وهو الخمر، التي تدار عليهم بالكؤوس، ولا يتناولونها بأنفسهم، ثم ختم باللذة الجسدية - أبلغ الملاذ - وهي التآنس بالنساء ثم أخبر تعالي عما يتحدث به أهل الجنة للأنس والسرور، وهم على موائد الشراب يتلذذون بكل ممتع، وينعمون بتجاذب أطراف الحديث، فقال سبحانه
[ فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ] أي جلسوا يتحدثون عما جري لهم في الدنيا، يتذاكرون نعيمهم وحال الدنيا وثمرة الإيمان
[ قال قائل منهم إني كان لي قرين ] أي قال قائل من أهل الجنة : إني كان لي في الدنيا صديق وجليس ينكر البعث
[ يقول أئنك لمن المصدقين ] أي يقول لي : أتصدق بالبعث والجزاء ؟
[ أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ] ؟ أي هل إذا متنا وأصبحنا ذرات من التراب وعظاما نخرة، أئنا لمحاسبون ومجزيون بأعمالنا ؟ يقول ذلك علي وجه التعجب والتكذيب والاستبعاد