لما ذكر قصة الخليل إبراهيم، وقصة الذبيح والفداء، أعقبها بذكر قصص بعض الأنبياء، كموسى وهارون، ويونس ولوط، وما في هذه القصص من العظات والعبر، وختم السورة الكريمة ببيان أن النصر والغلبة للرسل وأتباعهم المؤمنين.
اللغه :
[ أبق ] هرب
[ المشحون ] المملوء
[ ساهم ] قارع أي ضرب القرعة قال المبرد : وأصله من السهام التي تجال
[ المدحضين ] المغلوبين، وأصله من الزلق، يقال : دحضت حجته وأدحضها الله أي غلب وهزم، قال الشاعر : قتلنا المدحضين بكل فج فقد قرت بقتلهم العيون
[ مليم ] آت بما يلام عليه
[ العراء ] الأرض الفيحاء التي لا شجر فيها، ولا معلم، قال الفراء : العراء المكان الخالى
[ يقطين ] القرع المعروف المسمي بالدباء، قال الجوهرى : اليقطين ما لا ساق له كشجر القرع ونحوه
[ ساحتهم ] الساحة : الفناء الواسع.
التفسير :
[ ولقد مننا علي موسي وهارون ] اللام موطئة للقسم أي وعزتنا وجلالنا لقد أنعمنا علي موسي وهارون بأنواع النعم، والمنافع الدينية والدنيوية ومنها نعمة النبوة والرسالة
[ ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ] أي ونجيناهما وقومهما - بني إسرائيل - من الغم والمكروه العظيم، وهو استعباد فرعون إياهم مع التعذيب بقتل الأبناء، واستحياء النساء
[ ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ] الضمير يعود على موسي وهارون وبني إسرائيل أي ونصرناهم على أعدائهم - الأقباط - فكانوا الغالبين عليهم بعد أن كانوا تحت أيديهم مقهورين
[ وآتيناهما الكتاب المستبين ] أي أعطيناهما الكتاب البليغ في بيانه، الكامل في حدوده وأحكامه، وهو التوراة
[ وهديناهما الصراط المستقيم ] أي وهديناهما الطريق المستقيم الذي لا إعوجاج فيه قال الطبرى : وهو الإسلام دين الله الذي ابتعث به أنبياءه
[ وتركنا عليهما في الآخرين ] أي تركنا عليهما الثناء الجميل، والذكر الحسن
[ سلام على موسي وهارون ] أي سلام منا على موسى وهارون
[ إنا كذلك نجزى المحسنين إنهما من عبادنا المؤمنين ] أي كذلك نفعل بمن أحسن وأخلص العبودية لله
[ وإن إلياس لمن المرسلين ] أي وإن إلياس - أحد أنبياء بني إسرائيل - لمن الرسل الكرام الذين أرسلتهم لهداية الخلق قال أبو السعود : هو إلياس بن ياسين من سبط هارون أخي موسى
[ إذ قال لقومه ألا تتقون ] أي حين قال لقومه من بني إسرائيل : ألا تخافون الله في عبادتكم غيره ؟
[ أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين ] أتعبدون هذا الصنم - المسمى بعلا - وتتركون عبادة ربكم أحسن الخالقين ؟
[ الله ربكم ورب آبائكم الأولين ] أي تتركون عبادة أحسن الخالقين، الذي هو ربكم ورب آبائكم السابقين قال القرطبي : و " بعل " إسم صنم لهم كانوا يعبدونه، وبذلك سميت مدينتهم " بعلبك "، والمعني : أتدعون ربا اختلقتموه وهو هذا الصنم، وتتركون أحسن من يقال له خالق وهو الله " ربكم ورب آبائكم الأولين ؟
[ فكذبوه فإنهم لمحضرون ] أي فكذبوا نبيهم فإنهم لمحضرون في العذاب
[ إلا عباد الله المخلصين ] أي لكن عباد الله المؤمنين فإنهم نجوا من العذاب
[ وتركنا عليه في الآخرين ] أي تركنا علي إلياس الثناء الحسن الجميل إلي يوم الدين
[ سلام علي آل ياسين ] أي سلام منا عليه وعلى آل ياسين قال المفسرون : المراد ب [ آل ياسين ] هو إلياس ومن آمن معه، جمعوا معه تغليبا كما قالوا للمهلب وقومه المهلبون، واختار الطبري أنه إسم لإلياس فيقال : إلياس، وآل ياسين مثل ميكال وميكائيل، وإن له اسمين فيسمى " إلياس " [ وآل ياسين ]