[ وإنا لنحن الصافون ] أي الواقفون في العبادة صفوفا
[ وإنا لنحن المسبحون ] أي المنزهون الله سبحانه عن كل ما لا يليق بعظمته وكبريائه، نسبح الله في كل وقت وحين قال في التسهيل : وفي هذا الكلام الذي قالته الملائكة رد على من قال أنهم بنات الله، وشركاء الله، لأنهم إعترفوا علي أنفسهم بالعبودية والطاعة لله، والتنزيه له جل وعلا
[ وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين ] الضمير لكفار قريش و[ إن ] هي المخففة من " إن " الثقيلة أي وإن كان الحال والشأن أن كفار مكة كانوا - قبل أن ينزل عليهم القرآن - يقولون لو نزل علينا كتاب من كتب الأولين كالتوراة والأنجيل، لكنا أعظم إيمانا منهم وأكثر عبادة وإخلاصا لله منهم، فلما جاءهم القرآن كفروا به، ولهذا قال
[ فكفروا به ] أي فكفروا وكذبوا بالقرآن أشرف الكتب السماوية
[ فسوف يعلمون ] أي فسوف يرون عاقبة كفرهم بآيات الله، وهو وعيد وتهديد
[ ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ] أي سبق وعدنا وقضاؤنا للرسل الكرام
[ إنهم لهم المنصورون ] أي إنهم هم المنصورون علي أعدائهم، والإشارة إلي قوله تعالي [ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ]
[ وإن جندنا لهم الغالبون ] أي وإن جندنا المؤمنين لهم الغالبون في الدنيا والآخرة، في الدنيا بالحجة والبرهان، وفي الآخرة بدخول الجنان قال المفسرون : نصر الله للمؤمنين محقق، ولا يقدح في ذلك انهزامهم في بعض المعارك، فإن القاعدة هي بالظفر والنصرة، وإنما يغلبون في بعض الأحيان بسبب تقصير منهم أو إبتلاء ومحنة
[ فتول عنهم حتي حين ] أي أعرض عنهم يا محمد إلي مدة يسيرة، إلي أن تؤمر بقتالهم
[ وأبصرهم فسوف يبصرون ] أي وأبصرهم حين ينزل بهم العذاب، فسوف يبصرون عاقبة كفرهم
[ أفبعذابنا يستعجلون ] ؟ استفهام إنكاري للتهديد أي أيستعجلون بعذاب الله ؟ روي أنه لما نزل [ فسوف يبصرون ] استهزءوا وقالوا متي هذا يكون ؟ فنزلت الآية ثم قال تعالي
[ فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين ] أي لا يستبعدوا ذلك فإن العذاب إذا نزل بفناء المكذبين، فبئس هذا الصباح صباحهم، شبهه بجيش هجم عليهم وقت الصباح فقطع دابرهم
[ وتول عنهم حتي حين وأبصر فسوف يبصرون ] كرره تأكيدا للتهديد وتسلية للرسول(ص)،
[ سبحان ربك رب العزة عما يصفون ] أي تنزه وتقدس ذو العزة والجبروت عما يصفه به المشركون
[ وسلام علي المرسلين والحمد لله رب العالمين ] أي وسلام منا على الرسل الكرام، والحمد لله في البدء والختام، لله رب الخلائق أجمعين ! ! نزه تعالي نفسه عما وصفه به الكفار مما لا يليق به سبحانه، فإنه حكى عنهم في هذه السورة أقوالا كثيرة شنيعة، وختم بتعميم السلام على الرسل الكرام وبحمده سبحانه، وهو تعليم للعباد أساس الحمد والثناء على الله ورسله.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الطبا ق بين [ تدعون.. وتذرون ] وبين [ البنات.. والبنين ].
٢ - تتابع التوبيخ وتكراره مثل [ ألربك البنات ] ؟ [ أم خلقنا الملائكة إناثا ] ؟ [ ما لكم كيف تحكمون ] ؟ [ أفلا تذكرون ] ؟ [ أم لكم سلطان مبين ] ؟ وكلها للتوبيخ والتبكيت.
٣ - التأكيد بعدة مؤكدات لتحقيق المعني وتقريره مثل [ إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون ] فقد أكدت كل من الجملتين بإن واللام.
٤ - الاستعارة التصريحية [ إذ أبق إلي الفلك المشحون ] شبه خروجه بغير إذن ربه بإباق العبد من سيده.
٥ - الالتفات من الخطاب إلي الغيبة [ وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ] الأصل وتجعلون، والالتفات للإشارة إلي أنهم ليسوا أهلا للخطاب، وهم بعيدون من رحمة رب الأرباب.


الصفحة التالية
Icon