[ ثم جعل من بعد ضعف قوة ] أي ثم جعل من بعد ضعف الطفولة، قوة الشباب
[ ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ] أي ثم جعل من بعد قوة الشباب، ضعف الهرم والشيخوخة،
[ يخلق ما يشاء ] أي يخلق ما يشاء، من ضعف وقوة، وشباب وهرم
[ وهو العليم القدير ] أي وهو العليم بتدبير الخلق، القدير على ما يشاء، قال أبو حيان : وجعل الخلق من ضعف، لكثرة ضعف الإنسان أول نشأته وطفولته، ثم حال الشيخوخة والهرم، والترداد في هذه الهيئات، شاهد بقدرة الصانع وعلمه
[ ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ] أي ويوم تقوم القيامة ويبعث الناس للحساب، يحلف الكافرون المجرمون بأنهم ما مكثوا فى الدنيا غير ساعة، قال البيضاوى : وإنما استقلوا مدة لبثهم في الدنيا بالنسبة إلى مدة عذابهم في الآخرة، أو نسيانا منهم
[ كذلك كانوا يؤفكون ] أي كذلك كانوا في الدنيا، يصرفون من الحق إلى الباطل، ومن الصدق إلى الكذب
[ وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث ] أي وقال العقلاء من أهل الإيمان والعلم، ردا عليهم وتكذيبا لهم : لقد لبثم فيما كتاب الله لكم فى سابق علمه، إلى يوم البعث الموعود
[ فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون ] أي فهذا يوم البعث الذى كنتم تنكرونه، ولكنكم لم تصدقوا به، لتفريطكم في طلب الحق وأتباعه، قال تعالى
[ فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ] أي ففي ذلك اليوم الرهيب، لا ينفع الظالمين اعتذارهم
[ ولا هم يستعتبون ] أي لا يقال لهم : أرضوا ربكم بتوبة أو طاعة، لأنه قد ذهب أوان التوبة
[ ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ] أي ولقد بينا فى هذا القرآن العظيم، ما يحتاج الناس إليه، من المواعظ والأمثال، والأخبار والعبر، مما يوضح الحق ويزيل اللبس
[ ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون ] أي ووالله لئن جئتهم يا محمد بما اقترحوا من الآيات، كالعصا والناقة واليد، ليقولن المشركون من قومك لفرط عنادهم : ما أنت وأصحابك إلا قوم مبطلون، تدخلون علينا وتكذبون
[ كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون ] أي مثل ذلك الطبع على قلوب الجهلة المجرمين، يختم الله على قلوب الكفرة، الذين لا يعلمون توحيد الله، ولا صفاته
[ فاصبر أن وعد الله حق ] أي فاصبر يا محمد على تكذيبهم وأذاهم، فإن وعد الله بنصرتك، وإظهار دينك، حق لا بد من إنجازه
[ ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ] أي لا يحملنك على الخفة والقلق، جزعا مما يقوله أولئك الضالون الشاكون، ولا تترك الصبر بسبب تكذيبهم وإيذائهم، فالله معك، مؤيدك وناصرك ! ا.
البلاغة :
تضمنت الآيات وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الطباق بين [ البر.. والبحر ].
٢ - المجاز المرسل بإطلاق الجزء وإرادة الكل [ بما كسبت أيدي الناس ].
٣ - جناس الاشتقاق [ فأقم وجهك للدين القيم ].
٤ - الاستعارة اللطيفة [ فلأنفسهم يمهدون ] شبه من قدم الأعمال الصالحة، بمن يمهد فراشه ويوطئه للنوم عليه، لئلا يصيبه في مضجعه ما يوذيه وينغص عليه مرقده.
٥ - أسلوب الإطناب [ ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات، وليذيقكم من رحمته.. ] الآية وذلك لتعداد النعم الكثيرة وكان يكفي أن يقول :[ لتبتغوا من فضله ] ولكنه أسهب تذكيرا للعباد بالنعم.
٦ - جناس الاشتقاق [ أرسلنا من قبلك رسلا ].
٧ - الإيجاز بالحذف [ فجاءوهم بالبينات فانتقمنا ] حذف منه فكذبوهم واستهزءوا بهم.
٨ - الاستعارة التصريحية [ فإنك لا تسمع الموتى ] شبه الكفار بالموتى وبالصم في عدم إحساسهم، وسماعهم للمواعظ والبراهين، بطريق الاستعارة التصريحية).
٩ - الطباق بين [ ضعف.. وقوة ].


الصفحة التالية
Icon