[ إلى فرعون وهامان وقارون ] أي إلى فرعون الطاغية الجبار، ووزيره هامان، وقارون صاحب الكنوز والأموال، قال في البحر : وخص قارون وهامان بالذكر لمكانتهما في الكفر، ولأنهما أشهر أتباع فرعون
[ فقالوا ساحر كذاب ] أي فقالوا عن موسى : إنه ساحر فيما أظهر من المعجزات، كذاب فيما ادعاه أنه من عند الله، وصيغة كذاب للمبالغة
[ فلما جاءهم بالحق من عندنا ] أي فلما جاءهم بالمعجزات الباهرة، التي تدل على صدقه، والتي أيده الله بها
[ قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم ] اي اقتلوا الذكور لئلا يتناسلوا، وإستبقوا الإناث للخدمة، قال الصاوي : وهذا القتل غير الأول، لأن فرعون بعد ولادة موسى، أمسك عن قتل الأولاد، فلما بعث موسى وعجز عن معارضته، أعاد القتل في الأولاد، ليمتنع الناس من الإيمان، ولئلا يكثر جمعهم فيكيدوه، فأرسل الله عليهم أنواع العذاب كالضفادع، والقمل، والدم، والطوفان، إلى أن خرجوا من مصر فأغرقهم الله تعالى، وجعل كيدهم في نحورهم
[ وما كيد الكافرين إلا في ضلال ] أي وما تدبيرهم ومكرهم، إلا في خسران وهلاك، لأن الله لم ينجح سعيهم
[ وقال فرعون ذروني أقتل موسى ] أي قال فرعون الجبار : أتركوني حتى أقتل لكم موسى
[ وليدع ربه ] أي وليناد ربه حتى يخلصه مني، وإنما ذكره على سبيل الإستهزاء وكأنه يقول : لا يهولنكم ما يدعيه من ربه، فإنه لا حقيقة له، وأنا ربكم الأعلى، وغرضه أن يوهمهم بأنه إنما امتنع عن قتله، رعاية لقلوب أصحابه، قال أبو حيان : والظاهر أن فرعون لعنه الله، كان قد استيقن أنه نبى، وأن ما جاء به آيات باهرة وما هو بسحر، ولكن الرجل كان فيه خبث وجبروت، وكان قتالا سفاكا للدماء لأهون شيء، فكيف لا يقتل من أحس منه بأنه يثل عرشه، ويهدم ملكه، ولكنه يخاف إن هم بقتله أن يعاجل بالهلاك، وكان كلامه للتمويه على قومه، وإيهامهم إنهم هم الذين يكفونه، وما كان يكفه إلا شدة الخوف وإلىزع
[ إني أخاف أن يبدل دينكم ] أي إني أخشى أن يغير ما أنتم عليه من عبادتكم لى إلى عبادة ربه
[ أو أن يظهر في الأرض الفساد ] أي أو أن يثير الفتن والقلاقل في بلدكم، ويكون بسببه الهرج، وهذا كما قال المثل " صار فرعون واعظا " (( قال فى الظلال " هل هناك أطرف من أن يقول فرعون الضال عن موسى تلك المقالة ؟ أليست هي بعينها كلمة كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح ؟ أليست هى كلمة الباطل الكالح فى وجه الحق الجميل ؟ أليست هي بعينها كلمة الخداع الخبيث، لإثارة الشبهات في وجه الإيمان الهادىء ؟ إنه منطق واحد يتكرر كلما التقى الحق والباطل، والإيمان والكفر، والصلاح والطغيان، على توالي الزمان واختلاف المكان، والقصة قديمة تعرض بين الحين والحين " )).
[ وقال موسى إني عذت بربي وربكم ] أي إني استجرت بالله واعتصمت به ليحفظني
[ من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب ] أي من شر كل جبار عنيد متكبر عن الإيمان بالله، لا يصدق بالآخرة، قال قي التسهيل : وإنما قال [ من كل متكبر ] ولم يذكره باسمه لئلا يثير ليشمل فرعون وغيره، وليكون فيه وصف لغير فرعون، بذلك الوصف القبيح
[ وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه ] فال المفسرون : كان هذا الرجل ابن عم فرعون، وكان قبطيا يخفي إيمانه عن فرعون، قلما سمع قول الجبار متوعدا موسى بالقتل، نصحهم بقوله
[ أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ] استفهام إنكاري للتبكيت عليهم أي أتقتلون رجلا لا ذنب له إلا لأجل أن قال : ربي الله، من غير تفكر ولا تأمل! في أمره ؟
[ وقد جاءكم بالبينات من ربكم ] أي والحال إنه قد أتاكم بالمعجزات الظاهرة التي شاهدتموها من عند ربكم