[ وهم يعلمون ] أى وهم يعلمون أن الشفاعة لا تكون إلا بإذنه قال المفسرون : والمراد ب [ من شهد بالحق ] عيسى، وعزير، والملائكة، فإنهم يشهدون بالحق والوحدانية لله، فهؤلاء تنفع شفاعتهم للمؤمنين، وإن كانوا قد عبدوا من دون الله
[ ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ] أى ولئن سألت يا محمد كفار مكة، من الذي خلقهم وأوجدهم ؟ ليقولن الله خلقنا، فهم يعترفون بأنه الخالق، ثم يعبدون غيره ممن لا يقدر على شيء
[ فأنى يؤفكون ] أى فكيف ينصرفون عن عبادة الرحمن إلى عبادة الأوثان ؟ فهم في غاية الجهل والسفاهة، وسخافة العقول
[ وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ] أى وقول محمد في شكواه لربه : يا رب إن هؤلاء قوم عاندون جبارون، لا يصدقون برسالتي، ولا بالقرآن قال قتادة : هذا قول نبيكم (ص) يشكو قومه إلى ربه عز وجل
[ فاصفح عنهم وقل سلام ] أى فأعرض عنهم يا محمد وسامحهم، ولا تقابلهم بمثل ما يقابلونك به، قال الصاوى : وهو تباعد وتبرؤ منهم، وليس في الآية مشروعية السلام على الكفار وقال قتادة : أمر بالصفح عنهم ثم أمر بقتالهم، فصار الصفح منسوخا بالسيف
[ فسوف يعلمون ] أى فسوف يعلمون عاقبة إجرامهم وتكذيبهم، وهو وعيد وتهديد للمشركين، وتسليةل لرسول الله (ص).
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من آلبيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - التشبيه البليغ [ جعل لكم الأرض مهدا ] أى كالمهد والفراش في السعة وإمكان الزراعة فيها والبناء، حذفت منه الأداة ووجه الشبه فأصبح بليغا.
٢ - الاستعارة التبعية [ فأنشرنا به بلدة ميتا ] شبه الأرض قبل نزول المطر بالإنسان الميت لم أنشرها الله أى أحياها بالمطر ففيه آستعارة تبعية.
٣ - التأكيد بأن واللام مع صيغة المبالغة [ إن الإنسان لكفوز مبين ] لأن فعول وفعيل من صيغ المبالغة.
٤ - الأسلوب التهكمي للتوبيخ والتقريع [ أم اتخذ مما يخلق بنهات وأصفاكم بالبنين ] ؟ توبيخ وتقريع للمشركين، وبين لفظ البنات والبنين طباق.
٥ - المجاز المرسل [ وجعلها كلمة باقية في عقبه ] المراد بالكلمة الجملة التي قالها [ إنني براء مما تعبدون ] ففي اللفظ مجاز مرسل، بإطلاق الجزء وإرادة الكل.
٦ - الاستعارة التمثيلية [ أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمى ] شبه الكفار بالصم والعمي بطريق الاستعارة التمثيلية، وهي من بديع ألفاظ الاستعارة.
٧ - جناس الاشتقاق [ أرسلنا من قبلك من رسلنا ] لتغير الشكل وبعض الحروف بين أرسلنا.. ور سلنا.
٨ - حذف الإيجاز [ بصحاف من ذهب وأكواب ] أى أكواب من ذهب وحذف لدلالة السابق عليه.
٩ - ذكر العام بعد الخاص [ وفيها ما تشتهيه الأنفس ] بعد قوله [ يطاف عليهم بصحاف ] الآية.
١٠ - الطباق [ أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم ] بين السر، والنجوى، لأن المراد سرهم وعلا نيتهم.
١١ - السجع الرصين غير المتكلف مثل [ كذلك نخرجون ] [ من الفلك والأنعام ما تركبون ] [ وإنا إلى ربنا لمنقلبون ] وغير ذلك وهو من المحسنات البديعية.