[ ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ] أي والله لقد أعطينا بني إسرائيل التوراة، وفصل الحكومات بين الناس، وجعلنا فيهم الأنبياء والمرسلين
[ ورزقناهم من الطيبات ] أي ورزقناهم من أنواع النعم الكثيرة من المآكل والمشارب، والأقوات والثمار
[ وفضلناهم على العالمين ] أي وفضلناهم على سانر الأمم في زمانهم قال الصاوي : والمقصود من ذلك تسليته (ص) كأنه قال : لا تحزن يا محمد على كفر قومك، فإننا آتينا بني إسرائيل الكتاب والنعم العظيمة، فلم يشكروا، بل أصروا عل الكفر، فكذلك قومك
[ وآتيناهم بينات من الأمر ] أي وبينا لهم في التوراة أمر الشريعة، وأمر رسالة محمد (ص) على أكمل وجه قال ابن عباس : يعني أمر النبى (ص) وشواهد نبوته بأنه يهاجر من تهامة إلى يثرب وينصره أهلها
[ فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم ] أي فما اختلفوا في ذلك لأمر، غلا من بعد ما جاءتهم الحجج والبراهين، والأدلة القاطعة على صدقه
[ بغيا بينهم ] أي حسدا وعنادا وطلبا للرياسة قال الإمام الفخر : والمقصود من الآية التعجب من هذه الحالة، لأن حصول العلم يوجب ارتفاع الخلاف، وههنا صار العلم سببا لحصول الاختلاف، لأنه لم يكن مقصودهم نفس العلم، وإنما المقصود منه طلب الرياسة والتقدم، فلذلك علموا وعاندو
[ إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ] أي هو جل وعلا الذي يفصل بين العباد يوم القيامة، فيما اختلفوا فيه من أمر الدين، وفي الآية زجر للمشركين أن يسلكوا مسلك من سبقهم من الأمم العاتية الطاغية
[ ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ] اي ثم جعلناك يا محمد على طريقة واضحة، ومنهاج سديد رشيد من أمر الدين، فاتبع ما أوحى إليك ربك من الدين القيم
[ ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ] أي لا تتبع ضلالات المشركين قال البيضاوى : لا تتبع آراء الجهال التابعة للشهوات، وهم رؤساء قريش حيث قالوا : ارجع إلى دين آبائك
[ إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا ] أي لن يدفعو عنك شيئا من العذاب إن سايرتهم على ضلالهم
[ وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض ] أي إن الظالمين يتولى بعضهم بعضا في الدنيا ولا ولي لهم في الآخرة
[ والله ولى المتقين ] أي وهو تعالى ناصر ومعين المؤمنين المتقين في الدنيا والآخرة
[ هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون ] أي هذا القرآن نور وضياء للناس، بمنزلة البصائر في القلوب، وهو رحمة لمن آمن به وأيقن.
قال الله تعالى :[ آم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجهلهم كالذين آمنوا.. ] إلى قوله [ وهو العزيز الحكيم ]. من آية ( ٢١) إلى نهاية السورة الكريمة.
المناسبة :
لما حكى تعالى ضلالات بني إسرائيل، وبين أن القرآن نور وهداية لمن تمسك به، آعقبه ببيان أنه لا يتساوى المؤمن مع الكافر، ولا البر مع الفاجر، لا في الدنيا ولا في الآخرة، ثم ذكر الأدلة على البعث والنشور.
اللغة :
[ اجترحوا ] اكتسبوا والاجتراح الاكتساب ومنه الجوارح
[ غشاوة ] غطاء وغشئ الشيء غطاه
[ جاثية ] باركة على الركب لشدة الهول جثا - يجثو إذا قعد على ركبتيه
[ نستنسخ ] استنسخ الشييء أمر بكتابته وتدوينه
[ حاق ] نزل وأحاط
[ يستعتبون ] يطلب منهم إرضاء ربهم يقال : استعتبته فأعتبني أى استرضيته فقبل مني عذري
[ الكبرياء ] العظمة والملك والجلال.
سبب النزول :