[ فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ] أي فاصبر يا محمد على أذى المشركين، كما صبر قبلك مشاهير الرسل الكرام، وهم (نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ) أصحاب الهمم والعزائم في نصرة دين الله
[ ولا تستعجل لهم ] أي ولا تدع على كفار قريش بتعجيل العذاب، فإنه نازل بهم لا محالة
[ كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ] أي كأنهم حين يعاينون العذاب في الآخرة، لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة واحدة من النهار، لما يشاهدون من شدة العذاب وطوله
[ بلاغ ] أي هذا بلاغ وإنذار
[ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ] أي لا يكون الهلاك والدمار، إلا للكافرين الخارجين عن طاعة الله، المكذبين لرسله.
تنبيه :
قال المفسرون :" إن الجن كانوا يسترقون السمع، فلما حرست السماء بالشهب، قال إبليس : إن هذا الذي حدث بالسماء من أمر حدث في الأرض، فبعث سراياه ليعرف الخبر، فذهب ركب من نصيبين وهم أشراف الجن إلى تهامة، فلما بلغوا بطن نخلة، سمعوا النبي (ص) يصلي ويتلو القرآن، فاستمعوا له وقالوا : أنصتوا ثم لما انتهى(ص) من القراءة آمنوا لم رجعوا إلى قومهم منذرين قدعوهم إلى الإيمان، وجاءوا بعد ذلك جماعات جماعاتي إلى النبي (ص) فذلك سبب قوله تعالى [ وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن ].
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - التعجيز [ أتونى بكتاب من قبل هذا ] أمر يراد منه التعجيز.
٢ - جناس الاشتقاق [ يدعو.. وهم عن دعائهم ] ومثله [ وشهد شاهد ].
٣ - الطباق بين [ آمن.. وكفرتم ] وبين [ ينذر.. وبشرى ].
٤ - ذكر الخاص بعد العام [ ووصينا الإنسان بوالديه ] ثم قال [ حملته أمه كرها ] فذكر الخاص بعد العام لزيادة العناية والاهتمام بشأن الأم لحقها العظيم.
٥ - الطباق بين [ حملته.. ووضعته ].
٦ - صيغة الحصر [ ما هذا إلا أساطير الأولين ].
٧ - الاستعارة [ ولكل درجات مما عملوا ] استعار الدرجات للمراتب، للسعداء والأشقياء
٨ - الإيجاز بالحذف مع التوبيخ والتقريع [ أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ] أي يقال لهم أذهبتم.
٩ - الإطناب بتكرار اللفظ [ وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة ] ثم قال [ فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم ] لزيادة التقبيح والتشنيع عليهم.
١٠ - تواقق الفواصل مما يزيد في جمال الكلام وحسن تناسقه وهو من المحسنات البديعية مثل [ وحاق بهم ما كانوا يستهزءون ] [ وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون ] [ وذلك إفكهم وما كانوا يفترون ] إلخ.


الصفحة التالية
Icon