[ وتضحكون ولا تبكون ] أي وتضحكون عند سماعه، ولا تبكون من زواجره وآياته ؟ وقد كان حقكم أن تبكوا الدم بدل الدمع، حزنا على ما فرطتم
[ وأنتم سامدون ] أي وأنتم لاهون غافلون ؟
[ فاسجدوا لله واعبدوا ] أي فاسجدوا لله الذي خلقكم وأفردوه بالعبادة، ولا تعبدوا اللات والعزى، ومناة والشعرى، فهو الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لا يليق السجود والعبادة إلأ له جل وعلا.
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان البديع نوجزها فيما يلي :
١ - الإبهام للتعظيم والتهويل [ فأوحى إلى عبده ما أوحى ] ومثله [ إذ يغشى السدرة ما يغشى ] وكذلك [ فغشاها ما غشى ].
٢ - الجناس التام [ والنجم إذا هوى... وما ينطق عن الهوى ] فالأول هوى بمعنى خر وسقط، والثاني بمعنى هوى النفس، سمي تاما لاتفاق الحروف.
٣ - ا لطبا ق بين [ أضحك وأبكى ] وبين [ أمات وأحيا ] وبين [ ضل واهتدى ] وبين [ ا لآخرة والأولى ] وبين [ تضحكون ولا تبكون ] وهي من المحسنات البديعية.
٤ - المقابلة الجميلة [ ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ] كما فيه إطناب في تكرار لفظ " يجزي " وكلاهما من المحسنات البديعية.
٥ - الاستفهام التوبيخي مع الإزراء بعقولهم [ ألكم الذكر وله الأنثى ؟ تلك إذا قسمة ضيزى ] فإنه أسلوب تهكم وتوبيخ.
٦ - الجناس الناقص بين [ أفنى.. وأقنى ] لتغير بعض الحروف.
٧ - جناس ا لاشتقاق [ أزفت الآزقة ].
٨ - عطف العام على الخاص [ فاسجدوا لله واعبدوا ].
٩ - مراعاة الفواصل ورءوس الآيات، مما له أجمل الوقع على السمع مثل [ أفرأيتم اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر وله الأنثى ] ؟ ومثله [ أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون ] ؟ ويسمى بالسجع وهو من المحسنات البديعية.
تنبيه :
كانت الأصنام التى عبدها المشركون كثيرة تقرب من ثلائمائة وستين صنما ومعظمها حول الكعبة، وقد حطمها، عند فتحه لمكة، وأشهر هذه الأصنام " اللات، والعزى، ومناة " وقد أرسل (ص) عام الفتح خالد بن الوليد ليحطم العزى فحطمها وهو يقول : يا عزكفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك وانتهت بفتح مكة عبادة الأوثان والأصنام، ودخل الناس في دين الإسلام أفواجا أفواجا، والحمد لله على فضله وإنعامه