[ سيهزم الجمع ويولون الدبر ] أي سيهزم جمع المشركين، ويولون الأدبار منهزمين، قال ابن الجوزي : وهذا مما أخبر الله به نبيه من علم الغيب، فكانت الهزيمة يوم بدر
[ بل الساعة موعدهم ] أي ليس هذا تمام عقابهم، بل القيامة موعد عذابهم
[ والساعة أدهى وأمر ] أي أعظم داهية، وأشد مرارة من القتل والأسر
[ إن المجرمبن في ضلال وسعر ] أي إن المجرمين في حيرة وتخبط في الدنيا، وفي نيران مسعرة في الآخرة، قال ابن عباس : في خسران وجنون
[ يوم يسحبون في النار على وجوههم ] أي يوم يجزون في النار على وجوههم، عقابا وإذلالا لهم
[ ذوقوا مس سقر ] أي يقال لهم : ذوقوا أيها المكذبون عذاب جهنم، قال أبو السعود : وسقر علم لجهنم، ولذلك لم يصرف
[ إنا كل شيء خلقناه بقدر ] أي إنا خلقنا كل شيء مقدرا مكتوبا في اللوح المحفوظ من الأزل
[ وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ] أي وما شأننا في الخلق والإيجاد، إلا مرة واحدة كلمح البصر في السرعة، نقول للشيء : كن فيكون، قال ابن كثير : أي إنما نأمر بالشيء مرة واحدة، لا نحتاج إلى تأكيد بثانية، فيكون ذلك موجودا كلمح البصر لا يتأخر طرفة عين
[ ولقد أهلكنا أشياعكم ] أي ووالله لقد أهلكنا أشباهكم ونظراءكم في الكفر والضلال، من الأمم السالفة
[ فهل من مدكر ] أي فهل من يتذكر ويتعظ ؟
[ وكل شيء فعلوه في الزبر ] أي وجميع ما فعلته الأمم المكذبة من خير وشر، مكتوب عليهم، مسجل في كتب الحفظة التي بأيدي الملائكة، قال ابن زيد :[ في الزبر ] أي في دواوين الحفظة
[ وكل صغير وكبير مستطر ] أي وكل صغير وكبير من الأعمال مسطور في اللوح المحفوظ، مثبت فيه
[ إن المتقين في جنات ونهر ] أي في جنات وأنهار، قال القرطبي : يعني أنهار الماء، والخمر، والعسل، واللبن
[ في مقعد صدق ] أي في مكان مرضي، ومقام حسن
[ عند مليك مقتدر ] أي عند رب عظيم جليل، قادر في ملكه وسلطانه، لا يعجزه شيء، وهو الله رب العالمين.
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الاستعارة التمثيلية [ ففتحنا أبواب السماء ] شبه تدفق المطر من السحاب، بانصباب أنهار انفتحت بها أبواب السماء، وانشق بها أديم الخضراء بطريق الاستعارة التمثيلية، وهي من روائع طرق الاستعارة.
٢ - جناس الاشتقاق [ يدع الداع ] حيث اشتق لفظ الداعي من يدعو.
٣ - الكناية [ وحملناه على ذات ألواح ودسر ] كناية عن السفينة التي تحوي الأخشاب والمسامير.
٤ - التشبيه المرسل والمجمل [ كأنهم أعجاز نخل خاوية ] ومثله [ فكانوآ كهشيم المحتظر ] حيث حذف وجه الشبه منهما فهو تشبيه مجمل.
٥ - صيغة المبالغة [ بل هو كذاب أشر ] أي كثير الكذب عظيم البطر، لأن فعال وفعل للمبالغة.
٦ - الإطناب بتكرار اللفظ [ بل الساعة موعدهم والساعة أدهى ] لزيادة التخويف واللهويل.
٧ - المقابلة بين المجرمين والمتقين [ إن المجرمين في ضلال وسعر ] و[ إن المتقين في جنات ونهر ] فقد قابل بين مصير كل من الفريقين، وهو من المحسنات البديعية، والمقابلة : أن يؤتى بلفظين أو أكثر، ثم يؤتى بما يقابلها، فقد قابل بين (المتقين ) و(المجرمين ) وبين (جنات ونهر) وبين (ضلال وسعر).
٨ - الطباق بين [ صغير وكبير ].
٩ - السجع المرصع غير المتكلف، الذي يزيد في جمال اللفظ وموسيقاه أقرا مثلا قوله تعالى :[ ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ] الخ.
لطيفة :


الصفحة التالية
Icon