[ الرحمن علم القرآن ] أي الله الرحمن علم القرآن، ويسره للحفظ والفهم، قال مقاتل : لما نزل قوله تعالى :[ اسجدوا للرحمن ] قال كفار مكة : وما الرحمن ؟ فأنكروه وقالوا : لا نعرت الرحمن !! فقال تعالى :[ الرحمن ] الذي أنكروه هو الذى [ علم القرآن ] وقال الخازن : إن الله عز وجل عدد نعمه على عباده، فقدم أعظمها نعمة، وأعلاها رتبة، وهو (القرآن العزيز)، لأنه أعظم وحي الله إلى أنبيائه، وأشرفه منزلة عند أوليائه وأصفيائه، واكثره ذكرا، وأحسنه في أبواب الدين أثرا، وهو سنام الكتب السماوبة، المنزلة على أفضل البرية
[ خلق الإنسان ] أي خلق الإنسان السميع البصير الناطق، والمراد بالإنسان الجنس
[ علمه البيان ] أي ألهمه النطق الذي يستطيع به أن يبين عن مقاصده ورغباته، ويتميز به عن سائر الحيوان، قال البيضاوي : والمقصود تعداد ما أنعم الله به على نوع الإنسان، حثا على شكره، وتنبيها على تقصيرهم فيه، وإنما قدم (تعليم القرآن) على (خلق الإنسان )، لأنه أصل النعم الدينية، فقدم الأهم
[ الشمس والقمر بحسبان ] أي الشمس والقمر يجريان بحساب معلوم في بروجهما، ويتنقلان في منازلهما لمصالح العباد، قال ابن كثير : أي يجريان متعاقبين بحساب مقنن، لا يختلف ولا يضطرب
[ والنجم والشجر يسجدان ] أي والنجم والشجر ينقادان للرحمن فيما يريده منهما، هذا بالتنقل بالبروج، وذاك بإخراج الثمار (( الأظهر أن المراد بالنجم هو النجم الذي في السماء، وهو قول مجاهد واختيار ابن كثير، لأنه هو المعروف في اللغة، وروي عن ابن عباس أن المراد بالنجم هو كل نبات ينجم من الأرض وليس له ساق، لمقابلته بالشجر الذي له ساق، واختار هذا القول ابن جرير، والأول أظهر، والله أعلم )).
[ والسماء رفعها ووضع الميزان ] أي والسماء خلقها عالية محكمة البناء، رفيعة القدر والشأن، وأمر بالميزان عند الأخذ والإعطاء لينال الإنسان حقه وافيا
[ ألا تطغوا في الميزان ] أي لئلا تبخسوا في الميزان
[ وأقيموا الوزن بالقسط ] أي اجعلوا الوزن مستقيما، بالعدل والإنصاف
[ ولا تخسروا الميزان ] أي لا تطففوا الوزن ولا تنقصوه، كقوله تعالى :[ ويل للمطففين ]
[ والأرض وضعها للأنام ] أي والأرض بسطها لأجل الخلق، ليستقروا عليها، وينتفعوا بما خلق الله على ظهرها، قال ابن كثير : أي أرساها بالجبال الشامخات، لتستقر بما على وجهها من الأنام وهم الخلائق، المختلفة أنواعهم وأشكالهم وألوانهم، فى سائر أرجائها
[ فيها فاكهة ] أي فيها من أنواع الفواكه، المختلفة الألوان والطعوم والروانح
[ والنخل ذات الأكمام ] أي وفيها النخل التي يطلع فيها أوعية الثمر، أفرد النخل بالذكر لشرفه ونفعه، رطبا ويابسا، والأكمام هي أوعية الطلع كما قال ابن عباس، وهو الذي يطلع فيه القنو، ثم ينشق عنه العنقود، فيكون بسرا، ثم رطبا، ثم ينضج ويتناهى ينعه واستواؤه
[ والحب ذو العصف ] أي وفيها أنواع الحب كالحنطة والشعير، وسائر ما يتغذى به، ذو التبن الذي هو غذاء الحيوان