[ عربا ] جمع عروب وهي المتحببة لزوجها، العاشقة له، قال مجاهد : هن العاشقات لأزواجهن المتحببات لهن، اللواتي يشتهين أزواجهن (( قال البخارى : العروب هي الغنجة، وأهل العراق يقولون : الشكلة، وأهل مكة يقولون : العربة )).
[ أترابا ] أي مستويات في السن مع أزواجهن، في سن أبناء ثلاث وثلاثين، وقد ورد عن أم سلمة رضى الله عنها قالت :" سألت النبى (ص)عن قوله تعالى :[ إنا أنشأنهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا ] فقال يا أم سلمة : هن اللواتي قبضن في الدنيا عجائز، شمطا، عمشا، رمصا، جعلهن الله بعد الكبر، أترابا على ميلاد واحد في الاستواء " وفي الحديث " أن امرأة عجوزا جاءت النبي (ص) فقالت يا رسول الله : أدع الله أن يدخلني الجنة، فقال : يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز، فولت تبكي، فقال : أخبروها أنها لا تدخلها وهى عجوز، فإن الله تعالى يقول :[ إنا أنشأنهن إنشاء فجعلناهن أبكارا ]
[ لأصحاب اليمين ] أي أنشأنا هؤلاء النساء الأبكار لأصحاب اليمين، ليستمتعوا بهن في الجنة، ثم قال تعالى :
[ ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ] أي هم جماعة من الأولين من الأمم الماضية، وجماعة من المتأخرين من أمة محمد (ص)، قال في البحر : ولا تنافي بين هذه الآية [ وثلة من الآخرين ] وبين الآية التي سبقتها وهي قوله :[ وقليل من الآخرين ] لأن الثانية في السابقين، فلذلك قال :[ وقليل من الآخرين ] وهذه في أصحاب اليمين، ولذلك قال :[ وثلة من الآخرين ].. ثم شرع تعالى في بيان الصنف الثالث وهم أهل النار، فقال سبحانه :
[ وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال ] استفهام يراد منه التهويل والتفظيع والتعجيب من حالهم أي وأصحاب الشمال - وهم الذين يعطون كتبهم بشمائلهم - ما أصحاب الشمال ؟ أي ما حالهم وكيف مآلهم ؟ ثم فصل تعالى حالهم، فقال :
[ في سموم وحميم ] أي في ريح حارة من النار، تنفذ في المسام، وماء شديد الحرارة
[ وظل من يحموم ] أي في ظل من دخان أسود شديد السواد
[ لا بارد ] أي ليس هذا الظل باردا، يستروح به النسيم من شدة الحر
[ ولا كريم ] أي وليس حسن المنظر، يسر به من يستفيء بظله، قال الخازن : إن فائدة الظل ترجع إلى أمرين : أحدهما : دفع الحر، والثاني : حسن المنظر، وكون الإنسان فيه مكرما، وظل أهل النار بخلاف هذا، لأنهم في ظل من دخان أسود حار.. ثم بين تعالى سبب استحقاقهم ذلك العذاب فقال :
[ إنهم كانوا قبل ذلك مترفين ] أي لأنهم كانوا في الدنيا منعمين، مقبلين على الشهوات والملذات
[ وكانوا يصرون على الحنث العظيم ] أي وكانوا يداومون على الذنب العظيم، وهو الشرك بالله، قال المفسرون : لفظ الإصرار يدل على المداومة على المعصية، والحنث : هو الذنب الكبير، والمراد به هنا : الكفر بالله كما قاله ابن عباس
[ وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ] أي هل سنبعث بعد أن تصبح أجسادنا ترابا وعظاما نخرة ؟ وهذا استبعاد منهم لأمر البعث وتكذيب له
[ أو أباؤنا الأولون ] ؟ تأكيد للإنكار ومبالغة فيه، أي وهل سيبعث أباؤنا الأوائل ؟ بعد أن بليت أجسامهم، وتفتت عظامهم ؟
[ قل إن الأولين والأخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم ] أي قل لهم يا محمد : أن الخلائق جميعا، السابقين منهم واللاحقين، سيجمعون ويحشرون ليوم الحساب، الذي حدده الله بوقت معلوم، لا يتقدم ولا يتأخر، كما قال سبحانه [ ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وما نؤخره إلا لأجل معدود ]
[ ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم ] أي ثم إنكم يا معشر كفار مكة، ٠ الضالون عن الهدى، المكذبون بالبعث والنشور، لآكلون من شجر الزقوم، الذي ينبت في أصل الجحيم