[ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله ] أي يا من صدقتم بألله ورسوله، اتقوا ربكم، وخافوا عقابه، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ودوموا واثبتوا على الإيمان
[ يؤتكم كفلين من رحمته ] اي يعطكم ضعفين من رحمته
[ ويجعل لكم نورا تمشون به ] أي ويجعل لكم في الآخرة نورا تمشون به على الصراط، كما يجعل لكم في الدنيا نورا، تفرقون به بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وهو نور الإيمان، وفي الحديث (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الإيمان )
[ ويغفر لكم ] أي ويغفر لكم ما أسلفتم من المعاصي
[ والله غفور رحيم ] أي عظيم المغفرة واسع الرحمة
[ لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله ] أي إنما بالغنا في هذا البيان، ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على تخصيص فضل الله بهم، ولا يمكنهم حصر الرسالة والنبوة فيهم، فلا فى قوله :[ لئلا ] زائدة، والمعنى : ليعلم، ومن أجل أن يعلم، قال المفسرون : إن أهل الكتاب كانوا يقولون : الوحي والرسالة فينا، والكتاب والشرع ليس إلأ لنا، والله خضنا بهذه الفضيلة العظيمة من بين جميع العالمين، فرد الله عليهم بهذه الآية الكريمة
[ وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ] أي وأن أمر النبوة والهداية والإيمان، بيد الرحمن، يعطيه لمن يشاء من خلقه
[ والله ذو الفضل العظيم ] أي والله واسع الفضل والإحسان.
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلى :
١ - الطباق بين [ يحيي وبميت ] وبين [ الأول والآخر ] وبين [ الظاهر والباطن ].
٢ -المقابلة بين [ يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها ] وبين [ وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ].
٣ - رد العجز على الصدر [ يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ] وهو وما سبقه من المحسنات البديعية.
٤ - حذف الإيجاز [ لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ] حذف فيه جملة [ ومن أنفق من بعد الفتح وقاتل ] وذلك لدلالة الكلام عليه ويسمى هذا (الحذف بالإيجاز).
٥ - الاستعارة اللطيفة [ ليخرجكم من الظلمات إلى النور ] أي ليخرجكم من ظلمات الشرك، إلى نور الإيمان، فاستعار لفظ [ الظلمات ] للكفر والضلالة ولفظ [ النور ] للإيمان والهداية، ففي الآية استعارة تمثيلية.
٦ - الاستعارة التمثيلية [ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ] مثل لمن ينفق ماله ابتغاء وجه الله، مخلصا في عمله، بمن يقرض ربه قرضا واجب الوفاء بطريق الاستعارة التمثيلية، وهي من لطائف أنواع الاستعارة.
٧ - الأسلوب التهكمي [ مأواكم النار هي مولاكم ] أي لا ولي لكم ولا ناصر ينجيكم إلا (نار جهنم ) وهو تهكم بهم لاذع.
٨ - المقابلة اللطيفة بين قوله :[ باطنه فيه الرحمة ] وقوله :[ وظاهره من قبله العذاب ] فقابل بين (الباطن) و(الظا هر)، وبين (الرحمة) و(العذاب).
٩ - التشبيه التمثيلي [ كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا.. ] لأن وجه الشبه منتزع من متعدد.
١٠ - الجناس الناقص [ أرسلنا رسلنا ] لتغير الشكل وبعض الحروف.
١١ - السجع المرصع كأنه الدر المنظوم [ وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ] وقوله تعالى :[ فضرب بينهم بسور له باب، باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ] وهو كثير فى القرآن الكريم، وهو من المحسنات البديعية.


الصفحة التالية
Icon