[ انشزوا ] انهضوا وارتفعوا يقال : نشز ينشز إذا تنحى من مجلسه وارتفع منه، وأصله من النشز وهو ما ارتفع من الأرض
[ جنة ] بضم الجيم وقاية
[ استحوذ ] استولى وغلب على عقولهم
[ الأذيلين ] الأذلاء المغمورين في الذل والهوان.
سبب النزول :
أ - عن مقاتل قال : كان النبي (ص) يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء ناس من أهل بدر، فيهم (ثابت بن قيس ) وقد سبقوا إلى المجلس، فقاموا حيال النبي (ص)على أرجلهم، ينتظرون ان يوسع لهم، فلم يفسحوا لهم، فشق ذلك على النبي (ص)، فقال لمن حوله - من غير أهل بدر - قم يا فلان، قم يا فلان، بعدد الواقفين من أهل بدر، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه، وطعن المنافقون في ذلك، وقالوا : ما عدل مع هؤلاء، قوم أخذوا مجالسهم، وأحبوا القرب منه فأقامهم، وأجلس من أبطأ عنه !! فأنزل الله تعالى :[ يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم.. ] الآية.
ب - عن ابن عباس قال :" إن الناس سألوا رسول الله (ص) وأكثروا عليه حتى شق ذلك عليه (ص) فأراد الله أن يخفف عن نبيه، ويثبطهم عن ذلك فأنزل الله :[ يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة.. ] الآية فلما نزلت جبن كثير من المسلمين، وكفوا عن المسألة. ج - قال السدي : كان " عبد الله بن نبتل " المنافق يجالس رسول الله (ص)ويرفع حديثه إلى اليهود، فبينا رسول الله (ص)في حجرة من حجراته، إذ قال لهم (ص) :(يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار، وينظر بعيني شيطان، فدخل عبد الله بن نبتل - وكان أزرق العينين، فقال له النبي (ص) : علام تشتمني أنت وأصحابك ؟ فحلف بالله ما فعل ذلك، فقال له النبي (ص) : بل فعلت، فانطلق فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما سبوه، فأنزل الله :[ ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم، ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون ].
التفسير :
[ يا أيها الذين آمنوا ] نداء من الله تعالى للمؤمنين بأكرم وصف، وألطف عبارة، أي يا من صدقتم الله ورسوله، وتحليتم بالإيمان الذي هو زينة الإنسان
[ إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا ] أي إذا قال لكم أحد توسعوا في المجالس - سواء كان مجلس الرسول (ص)أو غيره من المجالس - فتوسعوا وافسحوا له
[ يفسح الله لكم ] أي يوسع لكم ربكم في رحمته وجنته، قال مجاهد : كانوا يتنافسون في مجلس النبي (ص) فأمروا أن يفسح بعضهم لبعض قال الخازن : أمر الله المؤمنين بالتواضع، وأن يفسحوا في المجلس، لمن أراد الجلوس عند النبي (ص)، ليتساوى الناس في الأخذ من حظهم من رسول الله (ص)وفي الحديث :(لا يقيمن أحدكم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن توسعوا وتفسحوا يفسح الله لكم ) قال الإمام الفخر : وقوله :[ يفسح الله لكم ] مطلق في كل ما يطلب الناس الفسحة فيه في المكان، والرزق، والصدر، والقبر، والجنة، واعلم أن الآية دلت على أن كل من وسع على عباد الله، أبواب الخير والراحة، وسع الله عليه خيرات الدنيا والآخرة وفي الحديث :(لا يزال الله في عون العبد، ما زال العبد في عون أخيه )