سورة التغابن
مدنية وآياتها ثمان عشرة آية
بين يدي السورة
* سورة التغابن من السور المدنية التي تعنى بالتشريع، ولكن جوها جو السور المكية التي تعالج أصول العقيدة الإسلامية.
* تحدثت السورة الكريمة عن جلال الله وعظمته وآثار قدرته، ثم تناولت موضوع الإنسان المعترف بربه، والإنسان الكافر الجاحد بآلاء الله [ يسبح لله ما في السموات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن.. ] الآيات.
* وضربت الأمثال بالقرون الماضية، والأمم الخالية، التي كذبت رسل الله، وما حل بهم من العذاب والدمار، نتيجة لكفرهم وعنادهم وضلالهم [ ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم.. ] الآيات.
* وأقسمت السورة على أن البعث حق لابد منه، أقر به المشركون أو أنكروه [ زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا، قل بلى وربى لتبعثن.. ] الآيات.
* وأمرت بطاعة الله وطاعة رسوله، وحذرت من الإعراض عن دعوة الله [ وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين، .
* كما حذرت من عداوة بعض الزوجات والأولاد، فإنهم كثيرا ما يمنعون الإنسان عن الجهاد والهجرة [ يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم.. ] الآيات.
* وختمت السورة بالأمر بالإنفاق في سبيل الله لإعلاء دينه، وحذرت من الشح والبخل، فإن من صفات المؤمن، الإنفاق في سبيل الله ابتغاء مرضاته، وهو شطر الجهاد، حيث ينقسم إلى قسمين : جهاد بالنفس، وجهاد بالمال [ وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون.. ] الآيات إلى نهاية السورة الكريمة.
اللغة :
[ صوركم ] التصوير : التخطيط والتشكيل الذي يكون به صورة وهيئة يتميز بها عن غيره
[ نبأ ] النبأ : الخبر الهام
[ وبال ] الوبال : العقوبة والنكال
[ زعم ] ظن، والزعم هو القول بالظن، ومنه قولهم زعموا مطية الكذب، " قال شريح :" لكل شيء كنية، وكنية الكذب زعموا "
[ التغابن ] الغبن ومعناه : النقص، يقال : غبنه غبنا إذا أخذ الشىء منه بدون قيمته، وسمي يوم القيامة يوم التغابن، لأنه يظهر فيه غبن الكافر بتركه الإيمان، وغبن المؤمن بتقصيره في الإحسان.
سبب النزول :
روي أن رجالا من أهل مكة أسلموا، وأرادوا أن يهاجروا إلى النبي (ص) فمنعهم أزواجهم وأولادهم، وقالوا : صبرنا على إسلامكم ولا صبر لنا على فراقكم ! ؟ فأطاعوهم وتركوا الهجرة، فأنزل الله تعالى [ يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم ] الآية.
التفسير :
[ يسبح لله ما في السموات وما في الأرض ] أي ينزه الله تعالى ويمجده، جميع ما في السموات والأرض من مخلوقات، تنزيها دائما مستمرا بدون انقطاع، وصيغة المضارع تفيد التجدد والاستمرار
[ له الملك وله الحمد ] أي له جل وعلا الملك التام، والتصرف الكامل في خلقه، وهو المستحق للثناء وحده، لأن جميع النعم منه سبحانه وتعالى، وقدم الجار والمجرور [ له ] لإفادة حصر الملك والحمد فيه سبحانه
[ وهو على كل شيء قدير ] أي قادر على كل شيء، يغني ويفقر، ويعز ويذل، وإذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون، وهو كالدليل لما تقدم من أن الملك والحمد له سبحانه