[ ومهدت له تمهيدا ] أي بسطت بين يديه الدنيا بسطا، ويسرت له تكاليف الحياة، ومظاهر الجاه والعز والسيادة، فكان في قريش عزيزا منيعا، وسيدا مطاعا
[ ثم يطمع أن أزيد ] أي ثم بعد هذا العطاء الجزيل، يطمع أن أزيد له في ماله وولده، وقد كفر بى ! ! قال الفخر الرازي : لفظ [ ثم ] هنا للإنكار والتعجب، كما تقول لصاحبك : أنزلتك دارى، وأطعمتك وأكرمتك ثم أنت تشتمنى! ! أي ومع كل هذا الإنعام والإكرام فقد كفر وجحد، وبدل أن يشكر الوليد لربه هذا الإحسان، ويقابله بالطاعة والإيمان، عكس الأمر وقابله بالجحود والكفران
[ كلا ] ردع وزجر أي ليرتدع هذا الفاجر الأليم، عن ذلك الطمع الفاسد، ثم علل ذلك بقوله :
[ إنه كان لآياتنا عنيدا ] أي لأنه معاند للحق، جاحد بآيات الله، مكذب لرسوله، فكيف يطمع بالزيادة هذا الشقي العنيد ؟
[ سأرهقه صعودا ] أي سأكلفه وألجئه إلى عذاب صعب شاق لا يطاق، تضعف عنه قوته، كما تضعف قوة من يصعد في الجبل، قال القرطبي :[ صعودا ] صخرة ملساء يكلف صعودها، فإذا صار في أعلاها حدر في جهنم، فيهوى ألف عام قبل أن يبلغ قرارها وفي الحديث :(الصعود جبل من نار، يصعد فيه الكافر سبعين خريفا، ثم يهوي فيه كذلك أبدا)،
[ إنه فكر وقدر ] أي إنه فكر في شأن النبى والقرآن، وأجال رأيه وذهنه الثاقب، ثم رتب وهيأ كلاما في نفسه، ماذا يقول في القرآن ؟ وبماذا يطعن فيه ؟ قال تعالى تقبيحا وتشنيعا عليه :
[ فقتل كيف قدر ] أي قاتله الله وأخزاه، على تلك الكلمة الحمقاء التي أجالها في نفسه، حيث قال عن القرآن : إنه سحر، وقال عن محمد : إنه ساحر، وفي الآية استهزاء به وتهكم، حيث قدر ما لا يصح تقديره، ولا يسوغ أن يقوله عاقل، قال فى البحر : يقول العرب عند استعظام الأمر والتعجب منه : قاتله الله، ومرادهم أنه قد بلغ المبلغ الذي لا يحسد عليه، ويدعى عليه من حساده، والاستفهام في قوله :[ كيف قدر ] ؟ في معنى ما أعجب تقديره وما أغربه ؟ كقولهم اي رجل هذا ؟ أي ما أعظمه ؟