[ رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن ] أي هذا الجزاء صادر من الرحمن الذي شملت رحمته كل شيء
[ لا يملكون منه خطابا ] أي لا يقدر أحد أن يخاطبه في دفع بلاء، أو رفع عذاب في ذلك اليوم، هيبة وجلالا
[ يوم يقوم الروح والملائكة صفا ] أي في ذلك اليوم الرهيب يقف جبريل والملائكة مصطفين خاشعين
[ لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا ] أي لا يتكلم أحد منهم إلا من أذن الله له بالكلام والشفاعة ونطق بالصواب قال الصاوي : وإذا كان الملائكة الذين هم أفضل الخلائق وأقربهم من الله لا يقدرون أن يشفعوا إلا بإذنه، فكيف يملك غيرهم ؟
[ ذلك اليوم الحق ] أي ذلك هو اليوم الكائن الواقع لا محالة
[ فمن شآء اتخذ إلى ربه مآبا ] أي فمن شاء أن يسلك إلى ربه مرجعا كريما بالإيمان والعمل الصالح فليفعل، وهو حث وترغيب
[ إنآ أنذرناكم عذابا قريبا ] الخطاب لكفار قريش المنكرين للبعث أي إنا حذرناكم وخوفناكم عذابا قريبا وقوعه هو عذاب الآخرة، سماه قريبا لأن كل ما هو آت قريب
[ يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ] أي يوم يرى كل إنسان ما قدم من خير أو شر مثبتا في صحيفته كقوله تعالى [ ووجدوا ما عملوا حاضرا ] [ الكهف : ٤٩ ]
[ ويقول الكافر ياليتني كنت ترابا ] أي ويتمنى الكافر أنه لم يخلق ولم يكلف ويقول : يا ليتني كنت ترابا حتى لا أحاسب ولا أعاقب قال المفسرون : وذلك حين يحشر الله الحيوان يوم القيامة فيقتص للجماء من القرناء، وبعد ذلك يصيرها ترابا، فيتمنى الكافر أن لو كان كذلك حتى لا يعذب.
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ـ الإطناب بتكرار الجملة للوعيد والتهديد [ كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ].
٢ـ الإيجاز بحذف الفعل لدلالة المتقدم عليه [ عن النبإ العظيم ] أي يتساءلون عن النبأ العظيم.
٣ـ التشبيه البليغ [ ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا ] ؟ أصل الكلام جعلنا الأرض كالمهاد الذي يفترشه النائم، والجبال كالأوتاد التي تثبت الدعائم، فحذف أداة التشبيه ووجه الشبه فأصبح بليغا، ومثله [ وجعلنا اليل لباسا ] أي كاللباس في الستر والخفاء.
٤ـ المقابلة اللطيفة بين [ وجعلنا اليل لباسا ] وبين [ وجعلنا النهار معاشا ] قابل بين الليل والنهار، والراحة والعمل، وهو من المحسنات البديعية.
٥ـ التشبيه البليغ [ فكانت أبوابا ] أي كالأبواب في التشقق والانصداع، فحذفت الأداة ووجه الشبه فأصبح بليغا
٦ـ الأمر الذي يراد به الإهانة والتحقير [ فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ] وفيه أيضا التفات من الغيبة إلى الخطاب زيادة في التوبيخ والإهانة.
٧ـ الطباق بين [ بردا.. وحميما ].
٨ـ ذكر العام بعد الخاص [ يوم يقوم الروح والملائكة صفا ] الروح وهو " جبريل " داخل في الملائكة، فقد ذكر مرتين مرة استقلالا، ومرة ضمن الملائكة، تنبيها على جلالة قدره.
٩ـ السجع المرصع مثل [ ألفافا، أفواجا، أبوابا، مآبا، أحقابا ] وهو من المحسنات البديعية.


الصفحة التالية
Icon