[ فأما من أوتي كتابه بيمينه ] أي فأما من أعطي كتاب أعماله بيمينه، وهذه علامة السعادة
[ فسوف يحاسب حسابا يسيرا ] أي فسوف يكون حسابه سهلا هينا، يجازي على حسناته، ويتجاوز عن سيئاته، وهذا هو العرض كما جاء في الحديث الصحيح (( المراد بالحساب اليسير في الآية هو " العرض " لما روي أن النبي (ص) قال :" من حوسب عذب " فقالت عائشة : اوليس الله عز وجل يقول :﴿فسوف يحاسب حسابا يسيرا﴾ !! فقال (ص) :" إنما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب عذب " رواه البخاري في التفسير ومسلم. وفي الحديث أن رسول الله (ص) قال :(إن الله يدنى العبد يوم القيامة، حتى يضع كنفه عليه، فيقول له : فعلت كذا وكذا، - ويعدد عليه ذنوبه - ثم يقول له : سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم ) فهذا هو المراد من الحساب اليسير ))
[ وينقلب إلى أهله مسرورا ] أي ويرجع إلى أهله في الجنة مبتهجا مسرورا بما أعطاه الله من الفضل والكرامة
[ وأما من أوتي كتابه ورآء ظهره ] أي وأما من أعطي كتاب أعماله بشماله من وراء ظهره، وهذه علامة الشقاوة
[ فسوف يدعوا ثبورا ] أي يصيح بالويل والثبور، ويتمنى الهلاك والموت
[ ويصلى سعيرا ] أي ويدخل نارا مستعرة، يقاسي عذابها وحرها
[ إنه كان في أهله مسرورا ] أي لأنه كان في الدنيا مسرورا مع أهله، غافلا لاهيا، لا يفكر في العواقب، ولا تخطر بباله الآخرة قال ابن زيد : وصف الله أهل الجنة بالمخافة والحزن والبكاء في الدنيا، فأعقبهم به النعيم والسرور في الآخرة، ووصف أهل النار بالسرور بالدنيا والضحك فيها، فأعقبهم به الحزن الطويل
[ إنه ظن أن لن يحور ] أي إنه ظن أن لن يرجع إلى ربه، ولن يحييه الله بعد موته للحساب والجزاء، فلذلك كفر وفجر
[ بلى إن ربه كان به بصيرا ] أي بلى سيعيده الله بعد موته، ويجازيه على أعماله كلها خيرها وشرها، فإنه تعالى مطلع على العباد، لا تخفى عليه خافية من شئونهم
[ فلا أقسم بالشفق ] [ لا ] لتأكيد القسم أي فأقسم قسما مؤكدا بحمرة الأفق بعد غروب الشمس
[ والليل وما وسق ] أي وبالليل وما جمع وضم إليه، وما لف في ظلمته من الناس والدواب والأنعام، فكل يأوي إلى مكانه وسربه، ولهذا امتن تعالى على العباد فقال [ وجعل الليل سكنا ] [ الأنعام : ٩٦ ] فإذا جاء النهار انتشروا، وإذا جاء الليل أوى كل شيء إلى مأواه
[ والقمر إذا اتسق ] أي وأقسم بالقمر إذا تكامل ضوءه ونوره، وصار بدرا ساطعا مضيئا
[ لتركبن طبقا عن طبق ] هذا جواب القسم أي لتلاقن يا مشعر الناس أهوالا وشدائد في الآخرة عصيبة قال الألوسي : يعني لتركبن أحوالا بعد أحوال، هي طبقات في الشدة بعضها أرفع من بعض، وهي الموت وما بعده من مواطن القيامة وأهولها وقال الطبري : المراد أنهم يلقون من شدائد يوم القيامة وأهواله أحوالا
[ فما لهم لا يؤمنون ] استفهام يقصد به التوبيخ أي فيما لهؤلاء المشركين لا يؤمنون بالله، ولا يصدقون بالعبث بعد الموت، بعد وضوح الدلائل وقيام البراهين على قوعه ؟
[ وإذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون ] أي وإذا سمعوا آيات القرآن، لم يخضعوا ولم يسجدوا للرحمن ؟
[ بل الذين كفروا يكذبون ] أي بل طبيعة هؤلاء الكفار التكذيب والعناد والجحود، ولذلك لا يخضعون عند تلاوته
[ والله أعلم بما يوعون ] أي والله أعلم بما يجمعون في صدورهم من الكفر والتكذيب قال ابن عباس :[ يوعون ] أي يضمرون من عداوة الرسول ﷺ والمؤمنين
[ فبشرهم بعذاب أليم ] أي فبشرهم على كفره وضلالهم بعذاب مؤلم موجع، واجعل ذلك بمنزلة البشارة لهم قال في التسهيل : ووضع البشارة في موضع الإنذار تهكم بالكفار
[ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ] أي لكن الذين صدقوا الله ورسوله، وجمعا بين الإيمان وصالح الأعمال


الصفحة التالية
Icon