سورة الأعلى
مكية وآياتها تسع عشرة آية
بين يدي السورة
* سورة الأعلى من السور المكية، وهي تعالج بإختصار المواضيع الآتية :
١- الذات العلية وبعض صفات الله جل وعلا، والدلائل على القدرة والوحدانية
٢ - الوحي والقرآن المنزل على خاتم الرسل (ص) وتيسير حفظه عليه
٣ - الموعظة الحسنة التي ينتفع بها أهل القلوب الحية، ويستفيد منها أهل السعادة والإيمان
* ابتدأت السورة الكريمة بتنزيه الله جل وعلا، الذي خلق فأبدع، وصور فأحسن، وأخرج العشب، والنبات، رحمة بالعباد [ سبح اسم ربك الأعلى، الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى الآيات
ثم تحدثت عن الوحي والقرآن، وآنست الرسول (ص) بالبشارة بتحفيظه هذا الكتاب المجيد، وتيسير حفظه عليه، بحيث لا ينساه أبدا [ سنقرئك فلا تنسى، إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى
* ثم أمرت بالتذكير بهذا القرآن، الذي يستفيد من نوره المؤمنون، ويتعظ بهديه المتقون، [ فذكر إن نفعت الذكرى، سيذكر من يخشى، ويتجنبها الأشقى ] الآيات.
* وختمت السورة ببيان فوز من طهر نفسه من الذنوب والآثام، وزكاها بصالح الأعمال [ قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى ] إلى نهاية السورة الكريمة.
فائدة :
روى البخاري عن البراء رضي الله عنه أنه قال :(أول من قدم علينا من أصحاب النبيمصعب بن عمير وابن أم مكتوم فجعلا يقرآننا القرآن، ثم جاء عمار، وبلال، وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين أي من المهاجرين ثم جاء النبى (ص) فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به (ص)، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون : هذا رسول الله قد جاء، فما جاء حتى قرأت [ سبح اسم ربك الأعلى ] في سور مثلها) البخاري كتاب التفسير
اللغة :
[ غثآء ] الغثاء : ما يقذف به السيل على جانب الوادي ن الحشائش والأوراق والنباتات
[ أحوى ] أسود مأخوذ من الحوة وهي السواد أو السمرة
[ يصلى ] يدخل ويقاسي حرها يقال : أصليته نارا وجعلته يذوق حرها.
التفسير :
[ سبح اسم ربك الأعلى ] أي نزه يا محمد ربك العلي الكبير عن صفات النقص، وعما يقوله الظالمون، مما لا يليق به سبحانه وتعالى من النقائص والقبائح، وفي الحديث أنه ﷺ كان إذا قرأ هذه الآية قال :" سبحانه ربي الأعلى ". ثم ذكر من أوصافه الجليلة، ومظاهر قدرته الباهرة، ودلائل وحدانيته وكماله فقال
[ الذي خلق فسوى ] أي خلق المخلوقات جميعها، فأتقن خلقها، وأبدع صنعها، في أجمل الأشكال، وأحسن الهيئات قال في البحر : أي خلق كل شيء فسواه، بحيث لم يأت متفاوتا، بل متناسبا على إحكام وإتقان، للدلالة على أنه صادر من عالم حكيم
[ والذي قدر فهدى ] أي قدر في كل شيء خواصه ومزاياه بما تجل عنه العقول والأفهام، وهدى الإنسان لوجه الانتفاع بما أودعه فيها، وهدى الإنعام إلى مراعيها، ولو تأملت ما في النباتات من الخواص، وما في المعادن من المزايا والمنافع، واهتداء الإنسان لاستخراج الأدوية والعقاقير النافعة من النباتات، واستخدام المعادن في صنع المدافع والطائرات، لعلمت حكمة العلي القدير، الذي لولا تقديره وهدايته لكنا نهيم في دياجير الظلام كسائر الأنعام قال المفسرون : إنما حذف المفعول لإفادة العموم أي قدر لكل مخلوق وحيوان ما يصلحه، فهداه إليه وعرفه وجه الانتفاع به
[ والذي أخرج المرعى ] أي أنبت ما ترعاه الدواب، من الحشائش والأعشاب
[ فجعله غثآء أحوى ] أي فصيره بعد الخضرة أسود باليا، بعد أن كان ناضرا زاهيا، ولا يخفى ما في المرعى من المنفعة بعد صيرورته هشيما ياسبا، فإنه يكون طعاما جيدا لكثير من الحيوانات، فسبحان من أحكم كل شيء و[ أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ] [ طه : ٥٠ ] !! وبعد أن ذكر دلائل قدرته ووحدانيته، ذكر فضله وإنعامه على رسوله فقال