١- روي عن أنس أن النبي (ص) لما تزوج " زينب بنت جحش " أولم عليها، فدعا الناس فلما طعموا جلس طوائف منهم يتحدثون في بيت رسول الله (ص) وزوجته مولية وجهها إلى الحائط، قثقلوا على رسول الله (ص) قال أنس : فما أدري أأنا أخبرت النبي (ص) أن القوم قد خرجوا أو أخبرنى، قال : فانطلق ضى دخل البيت، فذهبت أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه، ونزل الحجاب، ووعظ الناس بما وعظوا به، وأنزل الله [ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم.. ].
٢ - وقال ابن عباس : كان ناس من المؤمنين يتحينون طعام النبى(ص) فيدخلون قبل أن يدرك الطعام، ويقعدون إلى أن يدرك، ثم يأكلون ولا يخرجون فنزلت.
٣ - وعن عائشة أن عمر رضي الله عنه قال يا رسول الله : إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب [ وإذا سألتموهن متاعال فاسألوهن من وراء حجاب، ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن.. ] الآية.
٤ - عن السدي أن الفساق كانوا يؤذون النساء إذا خرجن بالليل، فإذا رأوا المرأة عليها قناع تركوها وقالوا : هذه حرة، وإذا رأوها بغير قناع قالوا : أمة فأذوها فأنزل الله :[ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن.. ] الآية.
التفسير :
[ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ] الإضافة للتشريف والتكريم، والآية توجيه للمؤمنين لهذا الآدب السامي العظيم والمعنى : لا تدخلوا بيوت النبي في حال من الأحوال، إلا في حال الإذن لكم منه عليه السلام، مراعاة لحقوق نسائه، وحرصا على عدم إيذائه، والإثقال عليه
[ إلى طعام غير ناظرين إناه ] أي إلا حين يدعوكم إلى طعام غير منتظرين نضجه
[ ولكن إذا دعيتم فادخلوا ] أي ولكن إذا ذعيتم وأذن لكم في الدخول فادخلوا
[ فإذا طعمتم فانتشروا ] أي فإذا انتهيتم من الطعام، فتفرقوا إلى دوركم ولا تمكثوا
[ ولا مستأنسين لحديث ] معطوف على (غير ناظرين ) أي لا تدخلوا بيوته منتظرين للطعام، ولا مستأنسين لحديث بعضكم بعضا، قال أبو حيان : نهوا أن يطيلوا الجلوس، يستأنس بعضهم ببعض لحديث يحدثه به
[ إن ذلكم كان يؤذي النبي ] أي إن صنيعكم هذا يؤذي الرسول، ويضايقه ويثقل عليه، ويمنعه من قضاء كثير من مصالحه وأموره
[ فيستحيي منكم ] أي فيستحيي من إخراجكم، ويمنعه حياؤه أن يأمركم بالانصراف، لخلقه الرفيع، وقلبه الرحيم
[ والله لا يستحيي من الحق ] أي والله جل وعلا لا يترك بيان الحق، ولا يمنعه مانع من إظهار الحق وتبيانه لكم، قال القرطبي : هذا أدب أدب الله به الثقلاء، وفي كتاب الثعلبي : حسبك من الثقلاء أن الشرع لم يحتملهم
[ وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ] أي وإذا أردتم حاجة من أزواجه الطاهرات، فأطلبوه من وراء حاجز وحجاب
[ ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ] أي سؤالكم إياهن المتاع من وراء حجاب ازكى وأطهر لقلوبكم وقلوبهن، وأنفى للريبة وسوء الظن
[ وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ] أي وما ينبغي لكم ولا يليق بكم، أن تؤذوا رسولكم الذي هداكم الله به
[ ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ] أي ولا أن تتزوجوا زوجاته من بعد وفاته أبدا، لأنهن كالأمهات لكم، وهو كالوالد فهل يليق بكم أن تؤذوه في نفسه أو أهله ؟
[ إن ذلكم كان عند الله عظيما ] أي إن ايذاءه، ونكاح أزواجه من بعده أمر عظيم، وذنب كبير لا يغفره الله لكم، قال أبو السعود : وفيه من تعظيمه تعالى لشأن رسوله (ص) وإيجاب حرمته حيا وميتا ما لا يخفى ثم قال تعالى :
[ إن تبدوا شيئا أو تخفوه ] أي إن تظهروا أمرا من الأمور، أو تخفوه في صدوركم


الصفحة التالية
Icon