[ وما خلق الذكر والأنثى ] أي وأقسم بالقادر العظيم، الذي خلق صنفي (الذكر والأنثى) من نطفة إذا تمنى.. أقسم تعالى بذاته على خلق النوعين [ الذكر والأنثى ] للتنبيه على أنه الخالق المبدع الحكيم، إذ لا يعقل أن هذا التخالف بين الذكر والأنثى يحصل بمحض الصدفة، من طبيعة بلهاء لا شعور لها، فإن الأجزاء الأصلية في المني متساوية، فتكوين الولد من عناصر واحدة، تارة ذكرا، وتارة أنثى، دليل على أن واضع هذا النظام عالم بما يفعل، محكم لما يصنع
[ إن سعيكم لشتى ] هذا هو جواب القسم، أي إن عملكم لمختلف، فمنكم تقى، ومنكم شقي، ومنكم صالح، ومنكم طالح، لم فسره بقوله
[ فأما من أعطى واتقى ] أي فأما من أعطى ماله وأنفق ابتغاء وجه الله، واتقى ربه فكف عن محارم الله، قال ابن كثير : أعطى ما أمر بإخراجه، وإتقى اله في أموره
[ وصدق بالحسنى ] أي وصدق بالجنة التي أعدها الله للأبرار
[ فسنسيره لليسرى ] أى فسنهيئه لعمل الخير، ونسهل عليه الخصلة المؤدية لليسر، وهي فعل الطاعات، وترك المحرمات
[ وأما من بخل واستغني ] أي وأما من بخل بإنفاق ] المال، واستغنى عن عبادة ذي الجلال، قال ابن عباس : بخل بماله، واستغنى عن ربه عز وجل
[ وكذب بالحسنى ] أي وكذب بالجنة ونعيمها
[ فسنيسره للعسرى ] أي فسنهيئه للخصلة المؤدية للعسرى، وهي الحياة السيئة في الدنيا والآخرة، وهي طريق الشر، سمى تعالى طريقة الخير (يسرى ) لأن عاقبتها اليسر، وهي دخول الجنة دار النعيم، وسمى طريقة الشر (عسرى ) لأن عاقبتها العسر، وهي دخول الجحيم (( روى البخاري عن علي رضي الله عنه قال :(كنا مع النبي (ص) فى بقيع الغرقد في جنازة، فقال : ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة، ومقعده من النار، فقالوا يا رسول الله : ألا نتكل ؟ فقال : اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة، فيصير لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة، فيصير لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ ﴿فأما من أعطى واتقى. وصدق بالحسنى.. ﴾ الآيات إلى قوله ﴿للعسرى﴾ صحيح البخاري )).
[ وما يغني عنه ماله إذا تردى ] استفهام إنكاري أي أي شيء ينفعه ماله إذا هلك وهوى في نار جهنم ؟ هل ينفعه المال، ويدفع عنه الوبال ؟
[ إن علينا للهدى ] اي إن علينا أن نبين للناس طريق الهدى من طريق الضلالة، ونوضح سبيل الرشد من سبيل الغي، كقوله تعالى [ وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ]
[ وأن لنا للآخرة والأولى ] أي لنا ما في الدنيا والآخرة، فمن طلبهما من غير الله، فقد أخطأ الطريق
[ فأنذرتكم نارا تلظى ] أي فحذرتكم يا أهل مكة نارا تتوق، وتتوهج من شدة حرارتها
[ لا يصلاها إلا الأشقى ] أي لا يدخلها للخلود فيها ولا يذوق سعيرها، إلا الكافر الشقي. ثم فسره تعالى بقوله
[ الذي كذب وتولى ] أي كذب الرسل وأعرض عن الإيمان


الصفحة التالية
Icon