[ وسيجنبها الأتقى ] أي وسيبعد عن النار، التقى النقى، المبالغ في اجتناب الشرك والمعاصي (( تنبيه : اجمع المفسرون من أهل السنة، على أن المراد من " الأتقى " هو " أبو بكر الصديق " رضي الله عنه، والشيعة بأسرهم يقولون : إن الآية نزلت في " على بن أبي طالب " ونحن مع حبنا لعلى، وتكريمنا له، نقول : لا يمكن حملها على على رضي الله عنه، لأن الله تعالى ذكر في وصف هذا الأتقى وصفا لا ينطبق عليه، وهو قوله ﴿وما لأحد عنده من نعمة تجزى﴾ أي ليس لأحد عليه نعمة حتى يكافئه عليها، وعلى كان في تربية النبي (ص) لأنه أخذه من أبيه، وكان يطعمه ويسقيه، ويكسوه ويربيه، وكان (ص) منعما عليه نعمة يجب عليه شكرها والجزاء عنها، أما أبو بكر رضي الله عنه فلم يكن للنبي (ص) عليه نعمة دنيوية، بل كان أبو بكر ينفق على الرسول (ص)، فثبت أن الآيات نزلت في أبي بكر الصديق، لا في على رضى الله عنهما، وأن (أبا بكر) هو الذي اشترى بلالا وأعتقه، لا على رضي الله عنهما جميعا، ورزقنا شفاعتهما ومحبتهما، فكل الصحابة عظماء أجلاء، ولا يجوز أن نغمط أحدا فضله، ولكن الحق أحق أن يقال ويتبع ! )) ثم فسره تعالى بقوله
[ الذي يؤتي ماله يتزكى ] أي الذي ينفق ماله في وجوه الخير ليزكي نفسه
[ وما لأحد عنده من نعمة تجزى ] أي وليس لأحد عنده نعمة حتى يكافئه عليها، وإنما ينفق لوجه الله، قال المفسرون : نزلت الآيات في حق أبي بكر الصديق، حين اشترى بلالا وأعتقه في سبيل الله، فقال المشركون : إنما فعل ذلك ليد كانت له عنده، فنزلت الآية
[ إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ] أي ليس له غاية إلا مرضاة الله
[ ولسوف يرضى ] أي ولسوف يعطيه الله في الآخرة ما يرضيه، وهو وعد كريم من رب رحيم.
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والبديع كالاتى :
١-الطباق بين لفظة [ الأشقى ] و[ الأتقى ] وبين [ اليسرى ] و[ العسرى ].
٢-المقابلة اللطيفة [ فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ] وبين [ وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى ] الآيات.
٣-جناس الاشتقاق [ فسنيسره لليسرى ] لأن اليسرى من التيسير فبينهما مجانسة.
٤-حذف المفعول للتعميم ليذهب ذهن السامع كل مذهب [ فأما من أعطى واتقى.. ] الآيات.
٥-السجع الرصين غير المتكلف كقوله [ لا يصلاها إلا الأشقى... وسيجنبها الأتقى ] إلخ.
لطيفة :
كان عمر رضي الله عنه يقول :(اعتق سيدنا سيدنا) يريد أعتق سيدنا أبو بكر سيدنا بلالا، فما أروع هذه النفوس ؟ اللهم ارزقنا محبة أصحاب الرسول جميعا واجمعنا معهم تحت لواء سيد المرسلين، يا رب العالمين.