[ ورفعنا لك ذكرك ] أي رفعنا شأنك - وأعلينا مقامك في الدنيا والآخرة، وجعلنا اسمك مقرونا باسمى، قال مجاهد : لا أذكر إلا ذكرت معي، وقال قتادة : رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب، ولامتشهد، ولا صاحب صلاة إلا ينادي : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وفي الحديث (أتاني جبريل فقال لي يا محمد : إن ربك يقول : أتدري كيف رفعت ذكرك ؟ قلت : الله تعالى أعلم، قال : إذا ذكرت ذكرت معي ) قال في البحر : قرن الله ذكر الرسول بذكره جل وعلا، في كلمة الشهادة، والآذان، والإقامة، والتشهد، والخطب، وفي غير موضع من القرآن، وأخذ علي الأنبياء وأممهم أن يؤمنوا به كما قال حسان بن ثابت : وضم الإله إسم النبي إلي اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد وشق له من إسمه ليجله فذوالعرش محمود وهذا محمد
[ فإن مع العسر يسرا ] أي بعد الضيق يأتي الفرج، وبعد الشدة يكون المخرج، قال المفسرون : كان رسول الله (ص) في مكة في ضيق وشدة هو وأصحابه، بسبب أذى المشركين للرسول والمؤمنين، فوعده الله باليسر، كما عدد عليه النعم في أول السورة، تسلية له وتأنيسا، لتطيب نفسه، ويقوى رجاؤه، وكأن الله تعالى يقول : إن الذي أنعم عليك بهذه النعم الجليلة، سينصرك على أعدائك، ويظهر أمرك، ويبدل لك هذا العسر بيسير قريب، ولذلك كرره مبالغة فقال :
[ إن مع العسر يسرا ] أي سيأتي الفرج بعد الضيق، واليسر بعد العسر، فلا تحزن ولا تضجر، وفي الحديث " لن يغلب عسر يسرين "
[ فاذا فرغت فانصب ] أي فاذا فرغت يا محمد من دعوة الخلق، فاجتهد في عبادة الخالق، وإذا انتهيت من أمور الدنيا، فأتعب نفسك في طلب الآخرة
[ والى ربك فارغب ] أي إجعل همك ورغبتك فيما عند الله، لا في هذه الدنيا الفانية، قال ابن كثير : المعنى إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها، وقطعت علائقها، فانصب إلي العبادة، وقم إليها نشيطا فارغ البال م واخلص لربك النية وا لرغبة.
البلاغه :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والبديع هي :
١ - الاستفهام التقريري للامتنان [ ألم نشرح لك صدرك.. ] إلخ.
٢- الاستعارة التمثيلية [ ووضعنا عنك وزرك ٥الذي انقض ظهرك ] شبه الذنوب بحمل ثقيل، يرهق كاهل الانسان، ويعجز عن حمله، بطريق الاستعارة.
٣-التنكير للتفخيم والتعظيم [ ان مع العسر يسرا ] كأنه قال : يسرا كبيرا.
٤- الجناس الناقص بين لفظ [ اليسر ] و[ العسر ].
٥- تكرير الجملة لتقرير معناها في النفوس وتمكينها في القلوب [ فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ] ويسمى هذا بالإطناب.
٦-السجع المرصع مراعاة لرءوس الآيات [ فاذا فرغت فانصب وإلي ربك فارغب ] ومثلها [ ووضعنا عنك وزرك الذى أنقض ظهرك ] وهو من المحسنات البديعية.