[ (أو أمر بالتقوى ] أي أو كان آمرا بالإخلاص والتوحيد، داعيا إلى الهدى والرشاد، كيف تزجره وتنهاه ! ! فما أبلهك أيها الغبى، الذي تنهي من هذه أوصافه : عبد لله مطيع مهتد منيب، داع إلى الهدى والرشاد ؟ ! وما أعجب هذا ؟ ! ثم عاد لخطاب الرسول، فقال
[ أرأيت إن كذب وتولى ] أي أخبرني يا محمد إن كذب بالقرآن، وأعرض عن الإيمان
[ ألم يعلم بأن الله يرى ] أي ألم يعلم ذلك الشقي أن الله مطلع على أحواله، مراقب لأفعاله، وسيجازيه عليها! ا ويله ما أجهله وأغباه ؟ ! ثم ردعه وزجره فقال
[ كلا لئن لم ينته ] أي ليرتدع هذا الفاجر " أبو جهل " عن غيه وضلاله، فوالله لئن لم ينته عن أذى الرسول، ويكف عما هو عليه من الكفر والضلال
[ لنسفعا بالناصية ] أي لنأخذنه بناصيته - مقدم شعر الرأس - فلنجرنه إلى النار بعنف وشدة، ونقذقه فيها
[ ناصية كاذبة خاطئة ] أي صاحب هذه الناصية كاذب، فاجر، كثير الذنوب والإجرام، قال في التسهيل : ووصفها بالكذب والخطيئة مجاز، والكاذب الخاطىء في الحقيقة صاحبها، والخاطىء الذي يفعل الذنب متعمدا، والمخطىء الذي يفعله بدون قصد( )
[ فليدع ناديه ] أي فليدع أهل ناديه وليستنصر بهم
[ سندع الزبانية ] أي سندعوا خزنة جهنم، الملائكة الغلاظ الشداد، روي أن أبا جهل مر على النبي(ص)، وهو يصلي عند المقام، فقال : ألم أنهك عن هذا يا محمدا فأغلظ له رسول الله (ص)، القول، فقال أبو جهل : بأي شيء تهددني يا محمد! والله إني لأكثر أهل الوادي هذا ناديا " والله لا تستطيع أنت ولا ربك على ! فأنزل الله [ فليدع نادية سندع الزبانية ] قال إبن عباس : لو دعا ناديه لاخذته ملائكة العذاب من ساعته
[ كلا لا تطعه ] أي ليرتدع هذا الفاجر، ولا تطعه يا محمد، فيما دعا إليه من ترك الصلاة
[ واسجد واقترب ] أى وواظب على سجودك وصلاتك، وتقرب بذلك إلى ربك، وفي الحديث " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء ".
البلاغه :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١-الإطناب بتكرار الفعل [ إقرأ باسم ربك.. ] ثم قال :[ إقرأ وربك الأكرم ] فكرر الأمر بالقراءة، لمزيد الاهتمام بشأن القراءة والعلم.
٢-الجناس الناقص بين [ خلق ] و[ علق ] لاختلاف بعض الحروف.
٣-طباق السلب [ علم الإنسان ما لم يعلم.
٤-الكناية [ أرأيت الذي ينهى عبدا ] كنى بالعبد عن رسول الله(ص)، ولم يقل : ينهاك، تفخيما لشأنه، وتعظيمالقدره.
٥-الاستفهام للتعجيب من شأن الناهي [ أرأيت الذي ينهى ] ؟ [ أرأيت إن كان على الهدى
٦-المجاز العقلي [ ناصية كاذبة خاطئة ] أي كاذب صاحبها خاطىء فأسند الكذب إليها مجازا ويسمى " المجاز العقلي " لأنه يدرك بالعقل.
٧-السجع المرصع مثل [ إقرأ باسم ربك الذى خلق. خلق الإنسان من علق ] وهو من المحسنات البديعية، لأنه يزيد في جمال الأسلوب، وحسن السجع، ولهذا يختاره الخطباء في مواضيعهم.


الصفحة التالية
Icon