[ وآية لهم الأرض الميتة أحييناها ] أي ومن الآيات الباهرة والعلامات الظاهرة، الدالة على كمال قدرة الله ووحدانيته هذه الآية العظيمة، وهي الأرض اليابسة الهامدة، التي لا نبات فيها ولا زرع، أحييناها بالمطر قال المفسرون : موت الأرض جدبها، وإحياؤها بالغيث، فإذا أنزل الله عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، ولهذا قال تعالى بعده
[ وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون ] أي وأخرجنا بهذا الماء أنواع الحبوب، ليتغذوا به ويعيشوا قال القرطبي : نبههم تعالى بهذا على إحياء الموتى، وذكرهم على توحيده وكمال قدرته، بالأرض الميتة أحياها بالنبات، وإخراج الحب منها، فمن الحب يأكلون وبه يتغذون
[ وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب ] أي وجعلنا في الأرض بساتين ناضرة فيها من أنواع النخيل والعنب
[ وفجرنا فيها من العيون ] أي وجعلنا فيها ينابيع من الماء العذب، والأنهار السارحة في بلدان كثيرة
[ ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم ] أي ليأكلوا من ثمرات ما ذكر من الجنات والنخيل التي أنشأها لهم، ومما عملته أيديهم مما غرسوه وزرعوه بأنفسهم قال ابن كثير : لما امتن على خلقه بإيجاد الزروع لهم، عطف بذكر الثمار وأنواعها وأصنافها، وما ذاك كله إلا من رحمة الله تعالى بهم، لا بسعيهم وكدهم، ولا بحولهم وقوتهم ولهذا قال
[ أفلا يشكرون ] ؟ أي أفلا يشكرونه على ما أنعم به عليهم ؟ واختار ابن جرير أن " ما " بمعنى الذي أي ليأكلوا من ثمره ومما عملته أيديهم أي من الذي غرسوه ونصبوه
[ سبحان الذي خلق الأزواج كلها ] أي تنزه وتقدس الله العلي الجليل، الذى خلق الأصناف كلها، المختلفة الألوان والطعوم والأشكال من جميع الأشياء
[ مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ] أي مما تخرج الأرض من النخيل والأشجار، والزروع والثمار، ومن أنفسهم من الذكور والإناث، ومما لا يعلمون من المخلوقات العجيبة والأشياء (( سبحان الله ما أعظم قدرة الله لقد كان السائد أن الزوجية إنما تكون بين الانسان والحيوان فقط، وجاء القرآن بالمعجزة الباهرة، المثبتة لما اكتشفه العلم الحديث منذ زمن قريب وهي ان الزوجية بين الإنسان والحيوان والنبات والذرة وسائر الكائنات، فقد ثبت أن الذرة - وهي أصغر أجزاء المادة - مؤلفة من زوجين مختلفين من الاشعاع الكهربائي " سالب وموجب " يتزاوجان ويتحدان، وأن بين النبات أعضاء مذكرة واعضاء مؤنثة، فسبحان العلي القدير القائل :﴿سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ﴾ )) الغريبة كما قال تعالى [ ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ]
[ وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون ] أي وعلامة أخرى لهم على كمال قدرتنا، الليل نزيل عنه الضوء ونفصله عن النهار، فإذا هم داخلون في الظلام، وفي الآية رمز إلى أن الأصل هو الظلام، والنور عارض، فإذا غربت الشمس، ينسلخ النهار من الليل ويكشف ويزول، فيظهر الأصل وهو الظلمة


الصفحة التالية
Icon