لا يذكر الرمل إلا حنّ مغترب له إلى الرمل أوطار وأوطان
٢- والفن الثاني : هو الإيجاز بحذف جواب « لو » في الآية الثانية، ومفعول ترى فيها أيضا. والحذف كثير شائع في القرآن، وفائدته أن النفس تذهب في تقدير المحذوف كل مذهب، والخيال يتسع للتقدير، ومما جاء من حذف جواب لو قول أبي تمام في قصيدته البائية التي يمدح بها المعتصم باللّه عند فتحه عمورية :
لو يعلم الكفر كم من أعصر كمنت له المنيّة بين السّمر والقضب
أي لو يعلم الكفر ذلك لأخذ أهبته، أو لما أقدم على ما فرط منه.
على أن حذف الجواب لا بد له من دليل يدل عليه، ولذلك ورد الجواب
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٩٢
في قوله تعالى :« و لو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلّوا فيه يعرجون لقالوا : إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون » إذ لو حذف الجواب لما علم مكان المحذوف.
الفوائد :
كان المشركون يظنون أنهم يستطيعون أن يضروا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ويستطيعون إيذاءه وكان عمّه أبو طالب يحول بينهم وبين ابن أخيه فقال من نظمه :
و اللّه لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة وابشر بذاك وقرّ منه عيونا
و دعوتني وزعمت أنك ناصح ولقد صدقت وكنت ثمّ أمينا
و عرضت دينا لا محالة أنه من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذاري سبّةً لوجدتني سمحا بذاك مبينا
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٢٨ الى ٢٩]
بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٢٨) وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩)
الإعراب :
(بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) بل حرف إضراب وعطف، اب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٩٣