فإن الشاعر قرن في البيت الاستعارة في قوله « نزلت نزول الغيث » بالتشبيه فقد استعار الشاعر النزول للمدوح، لأن حقيقة ما أراد : إذا استرضيت رضيت، وأما التشبيه ففي قوله :« نزول الغيث » فإن التقدير : نزلت نزولا مثل نزول الغيث، وقرن تجنيس التغاير في قوله « نزلت نزول الغيث » فإن اللفظة الأولى فعل والثانية اسم بالترشيح، فإنه رشح بذلك التجنيس للإيغال، وجاءت المبالغة مدمجة في التشبيه، إذ شبه نزوله بنزول الغيث، وقرن في البيت الثاني الاستعارة التي في قوله :« وقعت » بالتشبيه الذي في لفظ :« وقوع النار » وأدمج المبالغة في هذا التشبيه، لأن قوله :« وقعت وقوع النار » مبالغة، وأدمج في تجنيس التغاير الذي في لفظتي « وقعت » و « وقوع »، والترشيح للإيغال. وجميلة المقارنة في قول تميم بن مقبل :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٩٨
لدن غدوة حتى نزعنا عشيّة وقد مات شطر الشمس والشطر مدنف
فإنه قرن في هذا البيت الإرداف والاستعارة، لأنه عبر عن الغروب بموت شطر الشمس في أوائل العجز، وهذا هو الإرداف، واستعار للشطر الآخر الدنف وهو شدة المرض، وهذا بليغ جدا حيث أتت المقارنة في عجز البيت وحده.
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٣٢ الى ٣٣]
وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٣٢) قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣)
الإعراب :


الصفحة التالية
Icon