و ما عليهم من حسابك من شي ء، فتقدم المجرور بعلى كما قدمته في الأولى، لكنه قدمه تشريفا له صلى اللّه عليه وسلم ليكون الخطاب
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ١٢٢
مواجها له، وإذن أنت مضطر أن تجعله صفة مقدمة على موصوفها.
فتطردهم الفاء هي السببية وهي جواب النفي، وتطردهم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة، فتكون الفاء أيضا سببية، وهي جواب النهي، فتأمل دقّة الفرق بين معنى الفاءين. ويجوز أن تجعل الفاء الثانية عاطفة، وتكون معطوفة على تطردهم على وجه التسبيب، لأن كونه ظالما مسبب عن طردهم، ومن الظالمين جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر تكون.
البلاغة :
١- في قوله :« يريدون وجهه » أي : ذاته وحقيقته : مجاز مرسل، والعلاقة ذكر البعض وإرادة الكل، وهو مجاز سائغ في كلامهم.
٢- في قوله :« و ما من حسابك عليهم من شي ء » فنّ ردّ العجز على الصدر، وهو أن يجعل المتكلم أحد اللفظين المتفقين في النطق والمعنى، أو المتشابهين في النطق دون المعنى أو اللذين يجمعهما الاشتقاق أو شبه الاشتقاق، في آخر الكلام بعد جعل اللفظ الآخر له في أوله.
و منه قول البحتري :
ضرائب أبدعتها في السّماح فلسنا نرى لك فيها ضريبا
و قول أبي تمام :
و لم يحفظ مضاع المجد شي ء من الأشياء كالمال المضاع
و قول المعرّي :
لو اختصرتم من الإحسان زرتكم والعذب يهجر للإفراط في الخصر
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ١٢٣
و بيت الحماسة المشهور :
تمتع من شميم عرار نجد فما بعد العشيّة من عرار
الفوائد :
روي أن رؤساء المشركين قالوا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :


الصفحة التالية
Icon