ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) الكلام مستأنف، وهو وما بعده سرد لتقرير نعته سبحانه بهذه الأوصاف السّامية، واسم الإشارة مبتدأ، واللّه خبر أول، وربكم خبر ثان، وجملة لا إله إلا هو خبر ثالث، وقد تقدم إعراب كلمة الشهادة، فجدّد به عهدا (خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ وَكِيلٌ) خالق كل شي ء خبر رابع، فاعبدوه : الفاء تعليلية، واعبدوه فعل أمر وفاعل ومفعول به، والجملة لا محل لها لأنها لبيان سبب العبادة، وهو الواو عاطفة، وهو مبتدأ، وعلى كل شي ء جار ومجرور متعلقان بوكيل، ووكيل خبر هو (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الجملة خبر خامس، وتدركه الأبصار فعل ومفعول به مقدم وفاعل، وهو يدرك : الواو عاطفة، وهو مبتدأ، وجملة يدرك الأبصار خبره، وهو : الواو حرف عطف، وهو مبتدأ، واللطيف خبر أول، والخبير خبر ثان.
البلاغة :
في الآية الثانية فنون عديدة من البلاغة نوجزها فيما يلي :
١- المناسبة :
و هي أن يبتدئ المتكلم بمعنى، ثم يتمّم كلامه بما يناسبه معنى دون لفظ، فإن معنى نفي إدراك الأبصار للشي ء يناسب اللطف، وهذا الكلام خرج مخرج التمثيل، لأن المعهود عند المخاطب أن البصر لا يدرك الأجسام اللطيفة كالهواء وسائر العناصر، ولا الجواهر
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ١٨٩
المفردة، إنما يدرك اللّون من كلّ متلوّن، والكون من كلّ متكوّن، فجاء هذا التّمثيل ليتخيّله السّامع فيقيس به الغائب على الشّاهد، وكذلك قوله تعالى :« و هو يدرك الأبصار » فإن ذلك يناسبه وصف المدرك بالخبرة.
٢- فن الاحتراس :
فإنه سبحانه لما أثبت له إدراك الأبصار اقتضت البلاغة فن الاحتراس تفاديا لأن يظنّ ظانّ أنه إذا لم يكن مدركا لم يكن موجودا، فوجب أن تقول « و هو يدرك الأبصار » لتثبت لذاته الوجود.
٣- فن اللفّ والنّشر :


الصفحة التالية
Icon