و الثالث أن يكون الأصل : بيّن لكم ذلك لئلا تشركوا، وذلك لأنهم إذا حرم عليهم رؤساؤهم ما أحله اللّه سبحانه تعالى فأطاعوهم أشركوا، لأنهم جعلوا غير اللّه بمنزلته. والرابع أن الأصل : أوصيكم بأن لا تشركوا، بدليل أن وبالوالدين إحسانا، معناه وأوصيكم بالوالدين، وإن في آخر الآية « ذلكم وصّاكم به »، وعلى هذين الوجهين فحذفت الجملة وحرف الجر. والخامس أن التقدير :« أتل عليكم أن لا تشركوا »، مدلولا عليه بما تقدم. وأجاز هذه الأوجه الثلاثة الزجاج. والسادس أن الكلام تم عند « حرم ربكم » ثم ابتدئ « عليكم أن لا تشركوا وأن تحسنوا بالوالدين إحسانا وأن لا تقتلوا ولا تقربوا »، فعليكم على هذا اسم فعل بمعنى الزموا، و « أن » في الأوجه الستة مصدرية، و « لا » في الأوجه الأربعة الأخيرة نافية. والسابع أنّ « أن » مفسرة بمعنى أي، ولا ناهية، والفعل مجزوم لا منصوب، وكأنه قيل : أقول لكم لا تشركوا به شيئا وأحسنوا بالوالدين إحسانا. وهذان الوجهان أجازهما ابن الشجري ». وقال ابن هشام في موضع آخر من المغني :
« و أما قول بعضهم في :« قل تعالوا أتل ما حرم عليكم ربكم أن لا تشركوا به شيئا » إن الوقف قبل « عليكم »، وإن « عليكم » إغراء، فحسن، ويتخلص من إشكال ظاهر في الآية محوج للتأويل ».
و إنما أطلنا في الاقتباس لأن الآية كثر فيها الخوض، فتدبر واللّه يعصمك.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٢٧٦
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٥٢ الى ١٥٣]


الصفحة التالية
Icon