أفاض عليهم من النعم التي تستوجب الشكر، ولكنهم لم يقابلوها بما يستوجب، واللام جواب قسم محذوف، وقد حرف تحقيق، ومكناهم فعل ماض وفاعل، وفي الأرض جار ومجرور متعلقان بمكناهم، وجعلنا فعل وفاعل، ولكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف مفعول جعلنا الأول، ومعايش مفعول جعلنا الثاني، وفيها جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال (قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ) قليلا نعت لمصدر محذوف أو لظرف محذوف، وقد تقدمت نظائره. وما زائدة لتأكيد القلة، وتشكرون فعل مضارع مرفوع وفاعل، والجملة حالية أو مستأنفة.
الفوائد :
١- التضمين :
هو إشراب لفظ معنى لفظ، فيعطى حكمه، ويسمى ذلك تضمينا.
و فائدته أن تؤدي كلمة مؤدّى كلمتين. هذا ما قاله ابن هشام، واستشهد على ذلك بقول الزمخشري « ألا ترى كيف رجع معنى « و لا تعد عيناك عنهم » إلى قولك : ولا تقتحم عيناك مجاوزين الى غيرهم، « و لا تأكلوا أموالهم الى أموالكم » أي : ولا تضموها إليها آكلين ». وواضح أن هذا ثراء لفظي، يزيد في مرونة لغتنا، وسعة تصرفها، ولهذا آثرناه بالإشارة.
رأي ابن جنّي :
و قال ابن جني في الخصائص :« إن العرب قد تتوسع فتوقع أحد الحرفين موقع الآخر، إيذانا بأن هذا الفعل في معنى ذلك الآخر
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٣٠٧
فقط، وعلى هذا فالتضمين مجاز مرسل، لأنه استعمل اللفظ في غير معناه لعلاقة بينهما وقرينة ».
رأي آخر :
و قيل تعقيبا على قول ابن جني : إن فيه جمعا بين الحقيقة والمجاز، لدلالة المذكور على معناه بنفسه وعلى المحذوف بالقرينة.
رأي العزّ بن عبد السلام :
و قال العز بن عبد السلام في كتابه « مجاز القرآن » التضمين :