يقال : هذا لي دونك أو من دونك أي لا حق لك فيه (فَتَمَنَّوُا) الفاء واقعة في جواب الشرط لأن الكلام طلبي وتمنوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والجملة في محل جزم جواب الشرط (الْمَوْتَ) مفعول به (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) تكرر اعرابها وجواب الشرط محذوف أي فتمنوا الموت (وَلَنْ) الواو استئنافية ولن حرف نفي ونصب واستقبال (يَتَمَنَّوْهُ) فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعل والهاء مفعول به (أَبَداً) ظرف زمان متعلق بيتمنوه (بِما) الجار والمجرور متعلقان بيتمنوه أيضا (قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) جملة فعلية لا محل لها من الاعراب لأنها صلة ما والعائد محذوف أي قدمته أيديهم (وَاللَّهُ عَلِيمٌ) الواو استئنافية والجملة مستأنفة (بِالظَّالِمِينَ) الجار والمجرور متعلقان بعليم.
البلاغة :
في قوله :« فتمنوا الموت » خروج الأمر عن معناه الأصلي الى معنى التعجيز لأن ذلك ليس من سماتهم ولا من ظواهرهم المألوفة وتمنى الموت من شأن المقربين الأبرار لأن من أيقن بالشهادة اشتاق إليها. وبكى حنينا إليها وقد روي عن علي بن أبي طالب أنه كان يطوف بين الصفين في غلالة فقال ابنه الحسن : ما هذا بزي المحاربين فقال :
يا بني لا يبالي أبوك سقط أم سقط عليه الموت، ولما احتضر خالد بن الوليد بكى فقيل له : ما يبكيك؟ قال : واللّه ما أبالي إشفاقا من الموت ولكن لأني حضرت كذا وكذا معركة ثم أموت هكذا كما تموت العنز
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ١٥١
فلا نامت أعين الجبناء، وعن حذيفة أنه كان يتمنى الموت فلما احتضر قال حبيب : جاء على فاقة لا أفلح من ندم يعني على التمني. وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم :« لو تمنّوا الموت لغصّ كل انسان بريقه فمات مكانه وما بقي على وجه الأرض يهودي ».
[سورة البقرة (٢) : آية ٩٦]


الصفحة التالية
Icon