قاطعة تدحض اللجاج، ومنه نوع منطقي تستنتج فيه النتائج الصحيحة من المقدمات الصادقة. وفي الآية التي نحن بصددها وجه استنتاج النتيجة من المقدّمتين أن يقال : إن الكفار لا يدخلون الجنة أبدا حتى يلج الجمل في خرم الابرة، والجمل لا يدخل في خرم لإبرة أبدا، فهم لا يدخلون الجنة أبدا، لأن تعليق الشرط على مستحيل يلزم منه استحالة وقوع المشروط. وسيرد الكثير منه في القرآن الكريم.
المذهب الكلامي في الشعر :
و قد جاء هذا الفن في كثير من الشعر العربي، ولهم فيه روائع فمن ذلك قول أبي تمام :
و إذا أراد اللّه نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود
لو لا اشتعال النار فيما جاورت ما كان يعرف طيب عرف العود
و القطعة التالية لبهاء الدين زهير حافلة بضروب من هذا الفن، وتجتزئ بإيرادها :
يا من أكابد فيه ما أكابده مولاي أصبر حتى يحكم اللّه
سمّيت غيرك محبوبي مغالطة لمعشر فيك قد فاهوا بما فاهوا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٣٥٢
أقول زيد، وزيد لست أعرفه وإنما هو لفظ أنت م
عناه وكم ذكرت مسمّى لا اكتراث به حتى يجرّ إلى ذكراك ذ
كراه أتيه فيك على العشاق كلهم قد عزّ من أنت يا مولاي
مولاه والناس فينا ببعض القول قد لهجوا لو صحّ ما ذكروا ما كنت
آباه كادت عيونهم بالبغض تنطق لي حتى كأنّ عيون الناس أفواه
فإن جميع هذه العلل المذكورة ضمن هذه الأبيات علل حقيقية أصلية يسلم بها الخصم المعاند عند سماعها من غير مجادلة، ولا لجوء إلى اللجاج والمكابرة، وذلك لا يخفى على من له مسكة من ذوق.
الفوائد :
١- إبدال التاء :
في ادّكر : وجهان : أولهما : أن الأصل تداركوا، كما ذكرنا في باب اللغة. وما كانت فاؤه ثاء أو ذالا أو دالا أو زايا أو صادا أو
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٣٥٣


الصفحة التالية
Icon