كل اسم سبقه ضمير حاضر من متكلم أو مخاطب يجوز فيه وجهان، أولهما : مراعاة الضمير السابق، وثانيهما مراعاة الاسم الظاهر، تقول : أنا رجل أفعل كذا، مراعاة للضمير « أنا »، وان شئت قلت : يفعل كذا، مراعاة لرجل. ومثله : أنت رجل تفعل العجائب، ويفعل العجائب، بالخطاب والغيبة. قال الإمام علي بن أبي طالب :
أنا الذي سمّتن أمي حيدره كليث غابات كريه المنظرة
قاله حين بارز اليهودي « مرحبا » يوم خيبر فقال اليهودي :
قد علمت خيبر أنّي مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
فأجابه علي بذلك. وكانت أمه فاطمة بنت أسد سمته كاسم أبيها، لأن حيدرة من أسماء الأسد. فلما حضر أبو طالب سماه عليا.
و سمّي الأسد حيدرة لشدة انحداره على من يصول عليه، والليث اسم جامد للأسد، واشتقوا منه : لايثه أي : عامله معاملة الليث.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٣٧٨
و الغاب بيته الذي يغيب فيه. وكان الظاهر أن يقول : إن الذي سمته أمه، ليطابق الضمير مرجعه، وهو الموصول في الغيبة، ولكنه أتى بضمير المتكلم ذهابا الى المعنى، وحسنه تقدم ضمير المتكلم، أي :
أنا الشجاع الذي ظهرت عليّ أمارات الشجاعة من صغري فسمتني أمي باسم الأسد. ولا أكذبها ظنا.
و قد استدرك ابن جني على أبي الطيب المتنبي قوله :
أنا الذي نظر الأعمى الى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم
عدولا عن لفظ الغيبة، ولكن الآية الكريمة كفيلة بتسويغ ما استعمله أبو الطيب.
٢- اللام الداخلة على قد :
لا يكاد العرب ينطقون بهذه اللام إلا مع « قد »، وقل عنهم نحو قول امرئ القيس :
حلفت لها باللّه حلفة فاجر لناموا فما إن من حديث ولا صال
و ذلك لأنه لما كانت الجملة القسمية لا تساق إلا تأكيدا للجملة المقسم عليها التي هي جوابها كانت مظنة لمعنى التوقع الذي هو معنى « قد » عند استماع المخاطب كلمة القسم، وقد جرى ابن الرومي الشاعر العباسي على غرار امرئ القيس بقوله :
لرأينا مستيقظين أمورا حسبنا أن تكون رؤيا منام


الصفحة التالية
Icon