و هما قينتان كانتا لمعاوية، فلما رأى طول مقامهم وذهولهم باللهو عما قدموا له أهمّه ذلك، وقال : قد هلك أخوالي وأصهاري، وهؤلاء على ما هم عليه، وكان يستحيي أن يكلمهم خيفة أن يظنوا ثقل مقامهم عليه، فذكر ذلك للقينتين فقالتا : قل شعرا نغنيهم به لا يدرون من قاله، فقال معاوية بن بكر :
ألا يا قيل ويحك قم فهينم لعلّ اللّه يسقينا غماما
فيسقي أرض عاد إنّ عادا قد أمسوا ما يبينون الكلاما
فلما غنتا به قالوا : إن قومكم يتغوّثون من البلاء الذي نزل بهم، وقد أبطأتم عليهم، فادخلوا الحرم واستسقوا لقومكم. فقال لهم مرثد بن سعد : واللّه لا تسقون بدعائكم، ولكن إن أطعتم نبيكم، وتبتم إلى اللّه سقيتم، وأظهر إسلامه. فقالوا لمعاوية : احبس عنا مرثدا لا يقدمنّ معنا مكة، فإنه قد تبع دين هود وترك ديننا ثم دخلوا مكة. فقال قيل بن عتر : اللهم اسق عادا ما كنت تسقيهم، فأنشأ اللّه سحابا ثلاثا : بيضاء وحمراء وسوداء، ثم ناداه مناد من السماء :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٣٨٨
يا قيل اختر لنفسك ولقومك! فقال : اخترت السوداء فإنها أكثرهن ماء. فخرجت على عاد من واد لهم يقال له المغيث، فاستبشروا بها، وقالوا : هذا عارض ممطرنا، فجاءتهم منها ريح عقيم فأهلكتهم، ونجا هود والمؤمنون معه، فأتوا مكة فعبدوا اللّه فيها حتى ماتوا.
[سورة الأعراف (٧) : آية ٧٣]
وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣)
اللغة :