روى التاريخ أن الاختلاف وقع بين المسلمين في غنائم بدر وقسمتها فسألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : كيف نقسم؟ ولمن الحكم في قسمتها؟ أللمهاجرين أم للأنصار؟ أم لهم جميعا؟ فقيل لهم :
هي للرسول وهو الحاكم فيها خاصة يحكم فيها ما يشاء، ليس لأحد غيره فيها حكم، وقيل : شرط لمن كان له بلاء في ذلك اليوم أن ينفله فتسارع شبّانهم حتى قتلوا سبعين وأسروا سبعين، فلما يسر اللّه الفتح اختلفوا فيما بينهم وتنازعوا، فقال الشبان : نحن المقاتلون، وقال الشيوخ الوجوه الذين كانوا عند الرايات : إنا كنا رداءا لكم، وفئة تنحازون إليها إن انهزمتم، وقالوا لرسول اللّه : المغنم قليل والناس كثير، وإن تعط هؤلاء ما شرطت لهم حرمت أصحابك فنزلت.
قصة سعد بن أبي وقاص :
و عن سعيد بن أبي وقّاص : قتل أخي عمير يوم بدر فقتلت به سعيد بن العاص وأخذت سيفه فأعجبني فجئت به الى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلت : إن اللّه قد شفى صدري من المشركين فهب لي هذا السيف فقال : ليس هذا لي ولا لك اطرحه في القبض، يعني المال المقبوض، فطرحته وبي مالا يعلمه إلا اللّه تعالى من قتل أخي وأخذ سلبي، فما جاوزت إلا قليلا حتى جاءني رسول اللّه وقد أنزلت سورة
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٥٢٩
الأنفال فقال : يا سعد إنك سألتني السيف وليس لي وأنه قد صار لي فاذهب وخذه.
رواية عبادة بن الصامت :
و عن عبادة بن الصامت : نزلت فينا معشر أصحاب بدر، حين اختلفنا في النفل، وساءت فيه أخلاقنا فنزعه اللّه من أيدينا فجعله لرسول اللّه فقسمه بين المسلمين على السواء وكان في ذلك تقوى اللّه وطاعة رسوله وإصلاح ذات البين.
[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٥ الى ٩]